ليلة الزفاف حلم كل فتاة تنتظره بفارغ الصبر، لترفل في ثوبها الأبيض كملكة متوجة على عرشها في هذه الليلة، لا ينازعها فيه أحد، ليأخذها فارسها المنتظر إلى عش الأحلام الوردي. ذلك هو الحلم الأثير الذي ظل يراود كل الفتيات عصورًا طويلة، إلا أنه على ما يبدو، بدأ يتوارى أمام زحف الحياة العملية، التي حولت الفتاة من مجرد أنثى تحلم بالعرس، إلى كيان عقلاني يتعامل مع الواقع بأدوات مختلفة، وكذلك بأحلام مختلفة. فلم تعد فتاة اليوم تحلم بذلك العرس الأسطوري الفخم، الذي كان يشغلها فيما مضى، بل باتت تكتفي باحتفال محدود في منزل العائلة، بأقل تكاليف ممكنة. فكيف بدأ هذا التغير؟ هذا ما توضحه لنا بعض الفتيات عبر هذا الموضوع. حفل أسطوري تحكي لميس عدنان كيف كانت في البدايه تفكر في حفل أسطوري، لكن ما إن عدلت عن الفكرة بعد أن وقع الطلاق لابنة عمتها والتي احتفلت بليلة زفافها في إحدى الدول القريبة، ثم وقع الطلاق بعد زواج دام عامًا واحدًا فقط. فتقول لميس: فكرت في الأمر كثيرًا وماذا سأستفيد من إقامة عرس كبير ومكلف رغم زمنه القصير، وماذا سيستفيد المدعوون، لهذا صارحت والدتي أن نقيم الحفل في منزلنا، وندعو المقربين من عائلتي وعائلة العريس ونبتعد عن الأقاويل و»كلام الحريم» الذي ينتشر بين المدعوات في هذا اليوم. وتضيف: بعد جهد اقتنعت والدتي وتحدثنا مع أهل العريس والذين أيدوا الفكرة واخترت فستانًا أبيض بسيطًا لتلك الليلة، واستطعنا أن نستفيد من المبلغ الذي كان سيدفع في الفندق وغيره من لوازم ليلة الزفاف، لأبدأ به مشروعًا صغيرًا من البيت. العروس للعريس.. وتقول خديجة مفتي: اخترت حفل زواجي في منزلنا، وكان عرسنا رغم صغره وعدم وجود معازيم كثر إلا أنه كان جميلًا، فلم يحضره سوى أهلي وأخوات العريس وعماته فقط، وقد حرصت من البداية أن تكون حياتي خالية من المعاصي التي ترتكب في حفلات الزفاف، إضافة إلى تدخل بعض الأقارب والأصحاب فعند إعلان زواجي في المنزل وجدت معارضة من الصديقات، لكني لم أهتم لكل هذا الكلام، فأنا وزجي يهمنا أن نبدأ بداية خاليه من المشاكل والمصاريف التي لا داعي لها. وتؤيد وفاء بشناق فكرة الزواج المقتصر على الأقارب بعيدًا عن ضجيج المعازيم والذين لاهم لهم غير الانتقاد، فتقول: «العروس للعريس والجري للمتاعيس»، ورضى الناس غاية لا تدرك، وهذا ما فعله أخي حيث اتفق مع عروسه على إقامة عرسهما مقتصرًا في المنزل، فلم تكن هناك دعوات افراح بل اقتصر الأمر على الهاتف وبالفعل تم العرس وكان رائعًا ولله الحمد، حيث استفاد من المبلغ الذي كان مقررًا لإقامة العرس في حد الفنادق الفخمة في السفر لشهر العسل والباقي تقاسمه مع عروسه ووضع كل منهما المبلغ في حسابه. تغير الذهنية وحول تخلي الفتيات عن حلمهن السابق بإقامة عرس كبير، سألنا الباحثة الاجتماعية سوزان الأحمدي عن التغير الذي طرأ على ذهنية فتيات اليوم، فقالت: أصبحت الفتاة اليوم أكثر واقعية وإلمامًا بمصاعب الحياة، وكيف أن إقامة عرس كبير يرهق الأزواج ويكبد العديد منهم ديونًا كبيرة في بداية حياته، لذلك على المسلم أن يحرص على أن يبدأ هذه الحياة بطاعة الله تعالى، فلا يجوز أن يكون في حفل العرس معاصي كطول الوقت في حفلات الزفاف والتي كثيرًا ما تؤدي إلى ضياع صلاة الصبح على أهل العرس والمدعوين. إضافة الى أوجه الاسراف والمغالاة في بطاقات الدعوة والإسراف فيها، كذلك قصور الأفراح والفنادق والتي في بعض الأحيان يستلزم الأمر سفر عائلة العروس أو العريس من مدينة إلى أخرى حيث يقام العرس. وفي نهاية حديثها تنصح الباحثة الأحمدي المقبلين على الزواج بعدم الإسراف في مظاهر إقامة العرس، ولا خير في أمر يبدأ بمعصية الله عز وجل، لذلك يجب أن نحرص على أن تكون أفراحنا طاعة وعبادة.