أحد أهم الأزرار التي تحويها لوحة التحكم، في الكمبيوتر الشخصي أو الهاتف النقال، زر «الإلغاء»، وهو أحد الرموز المهمة المنتشرة في صفحات الإنترنت، كالبريد الشخصي وشبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها، واضعا بشكل قاطع، حدا ونهاية لما يريد الشخص أن يلغيه من تفكيره، ويصرفه عن أفق ناظريه. ولعل من حسنات التعامل بالتقنية الحديثة، سهولة إلغاء ما يزعج من إيميلات سخيفة، ورسائل ساذجة، أو صداقات عرضية، ظن أحدهم خطأ أنها أهل للتواصل الحسن، فاكتشف غير كذلك. فبعض الناس يشعرون بالخجل الشديد من غيرهم، ويراعون مشاعرهم بشكل مفرط، من خلال تواصلهم الشخصي، أو عن طريق الإنترنت والهاتف النقال، فيتعرضون لضغط عصبي شديد، لتحملهم إساءات واستفزازات غيرهم، واضطرابات شخصياتهم واختلال سلوكهم، وتطنيشهم لهم، مع أنهم في غنى عن ذلك كله، ولا يضرهم أبدا الضغط بكل بساطة، على زرهم الوفي «ديليت»، فتنتهي معاناتهم، وتنفرج أساريرهم، وينتقل ما يزعجهم على الفور، إلى «سلة المهملات». وفي السياق نفسه، يتحمل المرء كثيرا مشكلات لاذنب له فيها، فيحاول اقتراح حلول لها، ومشاركة بعض الناس تحسين الأوضاع بكل قوة وحنكة وأمانة، لكن إهمال من هُم أولى بالاهتمام بمشكلاتهم، وسوء تقدير بعضهم وتسلّطهم، وتجاهلهم الأوضاع السيئة، يجعل من واجبه التطوّعي، مهمة مستحيلة، فيكون من المنطقي والأجدى، أن يتوقف عن السباحة ضد التيار، ف «الضرب في الميّت حرام»، ويسارع لاستخدام زر «الإلغاء»، لتنتهي معاناته الفكرية، ويستريح من آلامه النفسية، فينصرف بهدوء، نائيا بنفسه عن الصغائر، ويجلس مترقبا ما ستسفر عنه الأمور، كيفما اتفق !!. حقا، إن زر الإلغاء نعمة كبيرة، لايعرف قدره إلا الذي حُرم التعرف عليه، أو التبس عليه مكانه، أو تعطّلت لديه وظيفته الحساسة، أو الذي تردد كثيرا قبل الضغط عليه، ففات عليه إنقاذ نفسه من التورط في مضاعفات مشكلات سلوكية وأخلاقية وإدارية، كان في غنى عنها، لو أسعفته حكمته، وضغط في الوقت المناسب على زر الخلاص، زر «ديليت» السحري !!. [email protected]