كان ملفتاً للغاية حركة اندفاع المشهد الوطني في جدله التنموي والنقدي وفي تقييمه بجائزة الأوسكار المعنوي السعودي هذا العام لدراما منوبولي التي تعكس وضع الشاب السعودي الصعب في الحصول على المسكن وهي الدراما التي نفّذها باقتدار المخرج الشاب بدر الحمود وفريق عمله بإمكانيات متواضعة، وذلك القبول الشعبي الجارف للدراما النوعية النقدية التي قدمها جيل الإبداع الشبابي السعودي وكل هذا الاحتفاء النوعي رسالة حملت أكثر من دلالة لا نستطيع أن نغطيها في هذا المقال إنما سندلف إلى قلب الموضوع في زاويتنا وإن كان استقبال معالي وزير الثقافة والإعلام لفريق العمل واستضافتهم في البرنامج الصباحي للقناة الأولى بادرة ايجابية تستحق التحية ونردفها بالأمل أن يتسع مدار استيعاب العمل الدرامي للإعلام الجديد لبدر الحمود وفريقه وفريق على الطاير والمبدع مالك بن نجر وغيرهم لنرى هذه الإبداعات السعودية يتعاقد معها مع حشد القنوات الرسمية أو المدعومة من الدولة . لكن ما ينبغي الوقوف لديه كاستطراد مهم هنا في ساحة الإعلام النقدي أن لا تمّر المناسبات والمقالات والتحقيقات النقدية مرور الكرام، وتُثبت كثقافة مستوطنة في جسم المشهد التنموي ، بحيث يُحتفي بالحالة النقدية كلغة فكرية وليس كمنهج مركزي لتسليط الضوء على القضايا التنموية وما يعيشه بعضها من تعثر مركزي في اصعد مختلفة ، وهذا ما لفت إليه الأمر الملكي الأخير الذي طالب معالي الوزراء بالرد على هذه الانتقادات ومن ثم مواجهة الناقد بلغة وإجراء مهني لا انتقامي من الناقد الوطني ، المهم أيضا أننا هنا حين نكتب ويكتب زملاؤنا في الإعلام المكتوب أو المرئي ليس هو مساحة تنفيس ولا متابعة شخصية إنها قضية وطن وحقوق ..حين نضع التشخيص ونشير إلى التقصير بالدليل فنحن ننتظر الحل والعلاج ,حتى لا يُفرغ النقد الوطني من أهم وسائطه وهو الشراكة مع المسئول لإيصال صوت المواطن وأين انقطع الطريق التنموي عنه. أمّا المقطع المهم جدا للغاية في فيلم مونوبولي فهو تعليق الخبير الاقتصادي الشاب ضيف الفيلم أ.عصام الزامل على الإمكانية التقديرية الدقيقة في مقاربتها والإجابة عن السؤال الحيوي : متى يصل المواطن لمسكنه المملوك ؟؟ أجاب الزامل بان تقدير الخبراء لمن يتجاوز راتبه عشرة آلاف ريال سيستطيع أن يؤمن المسكن بعد قرابة ربع قرن من الحياة الوظيفية ، بالطبع هذا لا يشمل أن السكن المقترح بيت شَعر في الربع الخالي أو الصحراء المحيطة بالمدن أو منازل الصفيح في شمال الوطن ، انه المسكن المعقول في قربه ولو بمستوى بسيط , من أين للشاب ولشريكته الشابة أن يجمعوا المبلغ والدبلوكس لدينا يتجاوز المليون ريال ..؟؟ في الأحساء مثلا سعر المتر يقفز إلى الألف ريال بعد استقرار المزاد ، ولذلك فطوابير الانتظار التي تتنقل من شقة إلى شقة أو تتخذ قرارا صعبا بالخضوع إلى ما يشبه رهن الحياة الوظيفية ودخلها للشابين لدى أحد البنوك الخيرية !! المسماة إسلامية أو تقليدية لتعطيهم التمويل وتسحب منهم كامل ميزانية الحياة المعيشية إلا الفتات. ما هو الحل ..؟ نعم ستساهم المدن التي أمر المليك بإنشائها في معالجة نسبية لهذا الأمر لذوي الدخل المحدود وهناك أيضا أسئلة عن تأخر التوزيع لماذا لم يتم ولم تستمر العملية في حراكها المطلوب لهذا الملف الضاغط . أما قضية المسكن عموما فهي خارج فكرة الاعتناء الخيري بذوي الدخل المحدود المهمة , فهو ملف بات ما بين وزارة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية وهي الوزارة الثانية في هذا الملف ووزارة المالية ووزارة التخطيط ، أي أن كل الأربع وزارات لهم سهم في هذا الملف ..كيف يحل وكيف يعالج سريعا حديث لا يتسع له هذا المقال لعلنا نعود إليه . ومن المهم جدا للغاية أنّ يطبق نظام فرض الرسوم المرتبط بالرهن العقاري على الأراضي الفضاء لضمان ضبط أسعار الأراضي بأسرع وقت وإلا فسعر أي وحدة سكن يخطط لتيسيرها أو إنشائها سيتضاعف في سوق المضاربات القاهر للمواطن ..وأعجب من فقهاء البنوك يُحرمون الرسوم ولا يُحرمون ضغط المواطن في قروضهم وتمويلهم فيهدمون مقاصد الشرع بمصالح رؤوس الأموال ..فهل يذهب المواطن إليهم أم إلى مقصلة العقار ؟!