قال الضَمِير المُتَكَلّم: ما أروع أن يَحاول (الإنسان) أن يصنع (إنساناً) فيمن حوله؛ في أسرته، (أولاً) في مجتمعه، (أولاً)، يفعل ذلك بَعْد صَناعة (الإنسان) في نفسه بترويضها، بإعدادها، بطموحها، بقيادتها للتّسَامِي والمَعَالي، بعطائها السخي؛ والأهم بِلَمَسَاتها (الإنسانية)؛ إليكم بعض الحكايات؛ فلعل فيها (بِدَايات): ( 1 ) اصنع في (الإنسان الكبير عمره إنساناً)، بزيارتك الّدورية له، (ولو مرة في الشّهر)، بمهَاتَفَتِه (ولو واحدة في الأسبوع)، بملاطفته، بالجلوس معه، وجَرّه للحديث عن واقعه وذكرياته؛ فهنا أعتقد أنه سوف يَسْتَرِدّ (إنسانيته)، وحياته التي ربما يكون فَقَدها، بتجاهِل مَن حَوله له، وبإحساسه بالانقطاع عن مواصلة العَيش في زَمنٍ ليس له، أو حُرِم فيه أقْرانه!! يُحْكَى أن (ذئْبَاً فَتِيَاً) أنهك أهل قرية بكثرة إغارته على أغنامهم؛ فَعَل ذلك حتى ترَصّد له أحدهم، فطارده بعد أن فَرّ بفريسته، حتى وصل سَفح جَبل قريب، فدخَل إحدى المَغَارَات هناك!! انتظره الرجل حتى خَرج، فأطلق عليه (النَار فسقط قَتِيلاً).. لَحَظَات، وتخرج من (الغار) (ذِئْبَة هَرِمَة عمياء) بالكاد تستطيع الزّحف، اقتربت من (جُثّة ذلك الذّئب)، شَمّتها، تفقدتها، أدركت أن (الذئِب) مَات، فما كان منها إلا أن صَرخت صرخة مدوية اهتز لها المكان، وأركان ذلك الرّجل، ثم احتضنت الجُثّة، وشَهَقَت، و(مَاتت)؛ لأنها أيقنت أنّ مَن كان يُمِدها ويربطها بالحياة قد مَات!! فهلاّ قَدّمْنا (الرعاية للكبار وصنعنا فيهم الإنسانية؛ ففي حياتهم، لَنا حياة، وما نزرعه معهم في شبابنا اليوم؛ نحصده في هَرمنا غداً (فقط جَرّب، وأنت الحَكَم)!! ( 2 ) اصْنَع من نفسك (إنساناً) بأن لا تَرْكَن لواقعك السلبي، وتصبح أسيراً له؛ فإذا كنت (نِسْرَاً)، وتحلم بالتحليق عالياً في سماء النجاح، وخدمة مجتمعك، فتابع أحلامك بالجدّ والمثابرة يقودك الطموح، ولا تستمع لكلمات الدّجاج (أي المتخاذلين من حولك، والمُحْبِطين لك)!! يُحكى أن (نِسْرَا) كان يعيش في قمة أحد الجبال، وفيها عِشّه على قمة إحدى الأشجار، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض، فسقطت منه بَيضَة، فتدحرجت حتى استقرت في (قِن أو عِشٍ للدجاج)! فتطوعت دجاجة للعناية بها حتى فَقست؛ فخرج منها (نِسْرٌ صغير جميل)، ولكن هذا النسر تربى على أنه دجاجة ضعيفة، عاجزة. وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب مع الدجاج، شاهد مجموعة من (النسور) تحلق عالياً في السماء، فتمنى أن لو يستطيع التحليق عاليا مثلهم! لكنه قوبل (حلمه هذا) بضحكات الاستهزاء من الدجاج مرافقيه قائلين له: ما أنت سوى دجاجة، ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور! فتوقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي، وآلمه اليأس، وما لبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج. عزيزي عزيزتي حَاوِل... حَلّق...؛ فأنت (صنعتَ منك إنساناً) يستطيع الطيران إلى قمة النجاح (جَرّب وأنت الحكم).. بالتوفيق.. ولكن لا تنسَ عند نجاحك (فَضِيْلَة التواضع)! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. تويتر: @aaljamili