«منذ أربعة أيام وأنا أركض خلف صهريج مياه لا يكفي إلا لمدة محدودة، ألهث بين أبواب مغلقة على موظفين ينعمون بالتكييف في الداخل، وبين شبابيك يقف أمامها المضطرون وهم يقبضون على جمر الانتظار داخل سياج حديدي». بهذه العبارة لخص مسلم الصاعدي معاناته والعديد من المواطنين من أجل الحصول على قطرة ماء، بعد الأزمة المفاجئة التي شملت عدة أحياء، وقال البعض إنهم يعيشون بدون ماء منذ مدة تراوحت بين أربعة واثني عشر يومًا. ورغم تبرير المسؤول الأول في شركة المياه الوطنية بجدة لهذا الانقطاع المؤقت، وتأكيده على تقديم صهاريج المياه مجانًا للمواطنين والمقيمين، إلا أن واقع الحال يشير إلى غير ذلك حيث استغل وافدون الموقف وأوجدوا سوقا سوداء خارج أسوار المحطة حيث وصل سعر الصهريج إلى حوالى 150 ريالًا يدفعها المضطرون عوضا عن الوقوف في صفوف طويلة تحت اشعة شمس المحرقة. وقال إبراهيم الجهني الذي التقيناه داخل أسوار المحطة وسط تدافع وتزاحم بين طالبي صهاريج المياه: «الوضع كما ترى بطء شديد من الموظفين والعاملين هناك والذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، بينما حراس الامن أكثر عددا ولا همً لهم سوى منع التصوير».. وأضاف: «هل منع التصوير يخفي الحقائق؟». ويضيف صالح المحمدي: «الحال كما ترى ونحن نعيشه منذ خمسة أيام، دون أن تلوح في الافق أي بارقة أمل بقرب انتهاء معاناتنا، ولا شيء أمامنا سوى الصبر». ويلتقط الحديث محمد الصبياني موضحا انه حصل على «الترخيص» في زمن مقبول، ولكن المتعب هو الركض مع السائقين، فلا بد من الدفع، والا فعليك تحمل كل التعقيدات الذي يختلقها السائق في محاولة منه للمراوغة على الرضوخ في نهاية الامر لخيار الدفع. «المدينة» رصدت واقع الحال داخل المحطة، حركة بطيئة وانتظار طويل بين سياج حديدي تحت لهيب الشمس المحرقة، وبمجرد علم مسؤولي المحطة بوجودنا طلبوا من المواطنين الوقوف في صف واحد، وبسرعة متناهية لبوا النداء علّهم يجدون ضالتهم في مدة أقصر، ولكن هيهات، فالانتظار كما هو، وكان العدد الاكبر من المقيمين سائقين أرسلهم كفلاؤهم لجلب ماء عز طلبه. التصوير ممنوع!! حراس الامن منعوا «المدينة» من التصوير وطلبوا منا التوجه إلى الادارة لاخذ اذن بذلك .. وبالفعل اتجهنا للادارة محاطين بعدد من حراس الامن والموظفين حتى وصلنا إلى مدير المحطة خالد العبدالله الذي قابلنا بغضب شديد وهو يصيح «التصوير ممنوع« .. وبأدب جم سألناه: لماذا؟، فأجاب بسرعة «كذا«، طلبنا تفسيرا لرده، فاكتفى بترديد ذات الكلمة عدة مرات، عندها لم يكن أمامنا سوى أن شكرناه وانصرفنا دون أن يتفوه بكلمة واحدة. «طلب الأمانة» وراء الأزمة طرحنا القضية على مدير اعمال وحدة جدة بشركة المياه الوطنية المهندس عبدالله العساف، فأوضح أن المشكلة تم الاعلان عنها من قبل، وهي تتمثل في انقطاع المياه عن أحياء (الصفا، العزيزية، البوادي، الحرمين، والمروة)، وأرجع السبب إلى تحويل خطين رئيسيين من الشعيبة إلى بريمان، بناء على طلب أمانة جدة لتنفيذ مشروع نفق السيول بحي السامر شرق جدة، وتمت إعادة جدولة الضخ في ضوء هذه المستجدات. وكشف العساف عن أنه تم يوم أمس الأول الانتهاء من الخط الاول، فيما سيتم الانتهاء من الخط الثاني خلال مدة تتراوح بين أسبوع إلى 10 أيام كحد أقصى، وحينها ستنتهي الازمة نهائيا وتعود المياه إلى ما كانت عليه. وفي اجابته على سؤال «المدينة» بشأن قيام بعض المقيمين ببيع صهاريج المياه خارج اسوار المحطة، شدد على أن المياه تقدم للمواطنين مجانًا، وبإجراء يقضي على أي تلاعب، وتمنى على المواطنين استدراج من يقوم بمثل هذا العمل المخالف لتطبيق الجزاء الرادع بحقه. واشار العساف إلى انه تم حتى يوم أمس الأول تقديم 200 صهريج للمواطنين. وحول انقطاع المياه في أحياء أخرى غير المعنية بتغيير الخطين كالمرجان مثلا، أجاب: حي المرجان خارج دائرة الازمة، وإن حصل انقطاع يكون حالة فردية من بين آلاف تضخ المياه إلى منازلهم.