وكانت الميزانية المخصصة للمشروع في بداياته قد بلغت 5 ملايين ريال لتشييد قاعة محاضرات وندوات، إلا أن تطور الأمر بزيادة قاعات ومكاتب إدارية بكلفة إجمالية بلغت العشرة ملايين، لتتم بعدها الموافقة على بناء دور خاص يضم مكتبة حسن عباس شربتلي الرقمية والعديد من الغرف المساندة والصالات لإقامة الأنشطة المختلفة والمناسبات لتقفز التكلفة النهائية للمشروع إلى ما يقارب العشرين مليون ريال سعودي. وبروعة هذه القاعة جاء الاحتفاء بافتتاحها يوم الاثنين 19 سبتمبر، والذي رعاه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بحضور صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد أمير محافظة جدة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالله الفيصل والدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، وجمع غفير من المثقفين والمثقفات.. زمن التفاؤل وعقب مراسم الافتتاح ألقى الأمير خالد الفيصل كلمة والتي استهلها بقوله: نحن الآن في زمن التفاؤل والثقة بالنفس، كيف لا وقائدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هذا الملك الذي سخّر نفسه وجهده لمبادرات عديدة ومتتالية لخدمة الوطن والمواطن في مشروعات كثيرة لم يسبق لها مثيل، وفي زمن نتحدث فيه عن المشروعات وعن الرقي وعن التقدم وغيرنا يتألم من الفتنة والفوضى والدمار، فشكرًا لقيادتنا ممثلة في الذين جنبونا مخاطر هذه الفتنة، والذين أيدّهم وبكل قوة شعبهم الكريم في ملحمة وطنية عظيمة هذا الشعب الوفي العظيم، الذي ضرب مثالًا يحتذى به في جميع البلاد العربية والإسلامية، هذا الشعب الذي يتوجه للبناء، وأعطى ظهره للدمار، هذا الشعب الذي آزر الاستقرار ودفع الفوضى والدمار، لنا أن نعتز بوطننا شعبًا وحكومة وقيادة؛ فنحن نتمتع بأمن واستقرار وبرخاء ليس له مثيل، وبخدمة تقدم لمواطن يستحق أن يقدم له الغالي والنفيس.. مضيفًا بقوله: ومنطقتكم مكةالمكرمة تعيش حركة بناء، وإعمار بناء للإنسان وتنمية للمكان، وخير مثال لهذه الإنجازات وهذه المشروعات ما سخره الملك عبدالله لإعمار مكة ومشروع تصريف الأمطار في مدينة جدة، هذان المشروعان سيغيران وجه المدينتين، وفي مواكبة لهذا التطور يجب علينا أن نساهم بمشروع ثقافي توسعي وخصوصًا لشبابنا في هذه المنطقة، ولذلك فقد ناقشت هذه الفكرة في المجالس المتخصصة التي أقيمها في كل شهر في مجلسي في منزلكم الصغير، وسوف أدعو قريبا إن شاء الله مقدمين من وزارة الثقافة والإعلام ومن الجامعات السعودية ومن وزارة التربية والتعليم ومن الأندية الأدبية وغيرها من المؤسسات الأهلية والغرف التجارية لوضع مشروع ثقافي فكري توعوي لجميع المواطنين والزائرين والمقيمين، وليكن شعاره الثقافة والضيافة الإسلامية. تبرع سخي كما ألقى الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام كلمة أعرب فيها عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لافتتاحه هذه القاعة، منوهًا بالدعم والمؤازرة والرعاية للعمل الثقافي في المملكة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله-. واستعرض من ثمّ مراحل إنشاء وتطور النادي الأدبي الثقافي بجدة منذ إنشائه حتى الآن والجهود المضنية التي بذلها أدباء الرعيل الأول من رواد الأدب في المملكة. مثنيًا على الدعم الذي قدمه حسن عباس الشربتلي - رحمه الله - للمبادرات الثقافية.. ماضيًا إلى القول: أحسب أن هذا التبرع السخي إنما يعكس إيمان كوكبة من رجال وسيدات الأعمال في رد ما لوطنهم عليهم من أفضال، وهو ما سيترك أثرًا إيجابيًا في النشاط الثقافي لنادي جدة الأدبي من خلال مرافق هذا المبنى وقاعته التي ستلبي ألوانًا مختلفة من نشاطه ومكتبته الورقية والإلكترونية، التي ستوسع من دائرة هذا النشاط وبخاصة في هذه المرحلة التي تغيرت فيها أشكال الوسائط الإعلامية والثقافية. تميز جديد أعقبه الشيخ عبدالرحمن الشربتلي، رئيس إدارة مجلس أمناء مؤسسة حسن عباس الشربتلي بكلمة نيابة عن أمناء مؤسسة والده الخيرية قدم في مستهلها الشكر للأمير خالد الفيصل على تكرمه بوضع حجر الأساس لمبنى النادي الأدبي الثقافي بجدة بتاريخ 21 شوال 1428ه وحضوره لافتتاح القاعة في نفس تاريخ وضع حجر الأساس 21 شوال. مضيفًا بقوله: في يوم وضع حجر الأساس كانت المساحة العامة لهذا المبنى 2000م2 وتتسع قاعاته الرئيسية لحوالى 500 شخص، وكان أميرنا المحبوب يطلب التمييز وانطلاقًا من ذلك رأى سعادة الدكتور عبدالمحسن القحطاني رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة وأعضاء مجلسه الموقر ضرورة إعادة تصميم المبنى لكي يرتقي إلى ما يرنو إليه أميرنا المحبوب، وأخذت موافقة مجلس الأمناء لتحقيق المطلوب تنفيذًا لوصية والدنا رحمه الله. وتضاعفت مساحة المبنى إلى أن أصبحت مساحته قدرها أكثر من 6000م2 بإضافة غرف اجتماعات والصالة الكبرى التي وصل عدد مقاعدها إلى ما يزيد على 1000 مقعد للرجال والنساء وقابل للزيادة إلى 1400 مقعد وذلك بخلاف المسرح بكامل معداته وأضيف لها مؤخرًا المكتبة الإلكترونية التي تتصل ببعض جامعات المملكة وخارجها. وأصبح بذلك النادي الأدبي الثقافي بجدة بوضعه الحالي مميزًا عن باقي النوادي الثقافية في المملكة بتاريخه والفضل يعود بذلك إلى صاحب الفكر. تمازج المال والثقافة كذلك تحدث الدكتور عبدالمحسن القحطاني رئيس مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الحالية قائلًا: لعلها ليلة يجدر بي أن أتلعثم أو يرتج عليّ فاعذروني لأنني أمام كوكبة من أصحاب الكلمة يتقدمهم سيدها، وصاحب سرجها، الأمير خالد الفيصل، ومنها أنني جد فرح بإنجاز ما توقعت له أن يتم لولا جاهزية أسرة الشربتلي لتنفيذ هذا المشروع تصميمًا وتنفيذًا، وجهود العاملين في الأمانة لمحافظة جدة حين أصدرت ترخيصًا حوى مسرحًا ودورًا كاملًا ليكون مكاتب إدارية ومكتبة رقمية ومكتبة عامة، كل هذا تم في ثلاث سنوات هي في عمر المشروعات قصيرة، وعند المنتظرين طويلة ومقلقة، هذا عمل حريّ بالتقدير والشكر، أوجد للمثقف مكانًا يليق به محاضرًا، مستمعًا، قارئًا، باحثًا، ما أجمل هذا التمازج بين رؤوس الأموال والمؤسسات الثقافية. ومجلس الإدارة يتابع هذا المشروع بفيض من التقدير وكثير من الشكر لهذا التبرع غير المسبوق، وهو تبرع نما وتكاثر حين زاد النادي في طلباته. ليختتم كلمته بقوله: صاحب السمو الملكي.. حاضرت في قاعة النادي عن ثقافة الإحباط، فأرجو من سموكم الكريم أن تحاضروا في هذه القاعة عن هواجس كثيرة تراود سموكم، وقد سمعت كغيري شذرات منها، لتكن كما تريد، ولكن وداعًا لثقافة الإحباط فأنتم من يرتقب قوله ويسمع رأيه ألبسكم الله الصحة والعافية ودام سموكم بخير، ودمتم أيها الأخوة في هناء وصحة وتقبلوا جميعًا تحيات مجلس الإدارة والعاملين في النادي. لا عذر ثم ناب الدكتور عزت خطاب عن المثقفين بكلمة ركزّ على أهمية دعم المسرح والسينما استهلها بقول باستدعاء بالبيت الشهر للشاعر المتنبي بالذي يقول فيه: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم ماضيًا إلى القول: ذلك شاعرنا العظيم المتنبي كما هو معروف يحتفي بإنجاز جهادي إسلامي سطره سيف الدولة بقوة السيف المدفوعة بعمق الإيمان، ونحن اليوم نحتفي بإنجاز ثقافي سطره التعاون الوثيق المثمر بين قطاع الدولة وبين القطاع الخاص مما يجعله مثلا يحتذى به في جميع مناحي حياتنا الاجتماعية وفي الجانب الثقافي منها بشكل خاص فهنيئا لنادي جده الأدبي الثقافي لرئيسه وأعضاء مجلس إدارته وهنيئا للمثقفين في هذا البلد المعطاء وفي عروس بحره. مضيفًا: لا عذر بعد اليوم للمثقفين والأدباء في هذا الجزء من بلادنا الغالية أن يفعلوا كل ما توفر لهم في هذا الصرح الثقافي من إمكانات مكتبية ورقمية وأن يبادروا إلى الالتقاء المستمر في جنباته للتعارف والتحاور بشكل عفوي وألا يكتفوا بالمجيء في الفعاليات الرسمية من محاضرات وندوات وهو أقل القليل ولا عذر للنادي نفسه من تفعيل كل تلك الإمكانات ولا سيما العروض المسرحية والسينمائية في هذه القاعة الرحبة الجميلة، فنحن وكما تعلمون نعيش في عصر الصورة، ورب فيلم يفوق تأثيره مئات الكتب وآلاف المقالات، وهناك الكثير من الأعمال السينمائية الجادة والعربية والعالمية التي تستحق المشاهدة ثم الحوار حولها وتقويمها من منظورنا الخاص، ولا سيما تلك التي تنقل الأعمال الأدبية إلى فضاءات الصوت والصورة. احتفاء المثقفين وعقب الاحتفال رصد «الأربعاء» آراء المثقفين حول هذه القاعة، وما يمكن أن تقدمه للساحة الثقافية، حيث يقول الدكتور ظافر الشهري رئيس نادي الأحساء الأدبي: لقد انبهرت بالمبنى الجديد أيّما انبهار، وهو رسالة لرجال الأعمال ليس في جدة وحدها بل في المملكة بالإسهام في مثل هذه المشروعات التي تخدم الأدب والفكر والثقافة لأن مثل هذه المشروعات التي تحاكي الأدب والثقافة هي الخالدة عبر الزمن. إنجاز مشكور وعلى ذات النسق يقول حماد السالمي رئيس نادي الطائف الأدبي: ما شاهدناه في نادي جده الأدبي في تلك القاعة الجميلة وملحقاتها يبشر بخير ويبعث على السرور والفرح، ومثلي يهنئ نادي جدة ممثلا في إدارته على هذا الإنجاز ويشكر أسرة حسن الشربتلي -رحمه الله- تلك الأسرة الثقافية التي آثرت أن تخدم الثقافة والمثقفين بهذا المنجز الثقافي والحضاري الذي يبعث على الفخر ولو أن في كل مدينة ومحافظة عائلة مثل عائلة الشربتلي رحمه الله لكنّا بخير، وكثير من الأندية تتمنى لو تحصل على جزء قليل مما حصل عليه نادي جدة، ولذلك نحن نغبطهم ولا نحسدهم ونعتبر هذا الإنجاز الذي تم في جدة هو إنجاز لنا جميعا في مختلف محافظات ومدن المملكة ومناطقها، ومثل هذه القاعة سوف تخدم الأدباء والمثقفين وتبرز الأنشطة الثقافية في محافظة جدة وفي المنطقة الغربية بصفة عامة. مبنى شامخ الشاعر محمد الجلواح قال: حينما كان الدكتور عبدالمحسن القحطاني يلقي كلمته ويشعر بارتجاج في كلمته وهو فرح بهذا الافتتاح العظيم إذ كنت أشعر تماما بما يشعر به في تلك اللحظة وكنت أشعر أن هذا المبنى هو مبنى في بقعة جميلة وغالية من المملكة العربية السعودية كأنها منسوخة لمثيلاتها في بقية بقاع المملكة ومناطقها حتى وإن كانت في جدة ممثلة في هذا المبنى الشامخ والذي نفتخر به كسعوديين بشكل عام ونفتخر به كمثقفين بشكل خاص ونفتخر به كمنسوبين للأندية الأدبية بشكل أخص، فإننا نسعد بأن يكون مثل هذا المبنى في نادي جدة الأدبي ونبارك له هذا المبنى، وأتمنى أن تحذو إدارات الأندية الأدبية في بقية مناطق المملكة في الاتصال والتواصل مع القطاع الخاص في إقامة مثل هذه الصروح الذي تتبناها الجهات الخاصة لكي ينسجم العمل الميداني والاجتماعي والثقافي بين مؤسسات الدولة وبين مؤسسات القطاع الخاص، وسنقوم نحن أعضاء نادي الأحساء الأدبي بخطوة مماثلة للتواصل مع بعض رجال الأعمال في الأحساء وبعض الموسرين لإمكانية القيام بمثل هذا القاعة -والذي توج افتتاحها سمو أمير منطقة مكة- لدينا في الأحساء، ونتطلع أن يأتي ذلك اليوم الذي يأتي فيه سمو الأمير الشاعر الإنسان الأمير خالد الفيصل ليفتتح قاعة مماثلة لدينا في الأحساء.