قدرنا في هذا الوطن أن نستقبل إخواننا المسلمين على مر الزمان في أقدس رحلاتهم لاكتساب رضا ربهم للحج والعمرة، وزيارة مدينة المصطفى سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهم كما نعبر دوماً ضيوف الرحمن، ودورنا ينحصر في العناية بهم، وتهيئة الأجواء المناسبة لهم ليؤدوا مناسكهم في يسر وسهولة، ونحن نقوم بهذا الدور برضا ودون أن ننتظر منهم ثناءً أو نفعاً، ولكنا حتما بشر لنا من الايجابيات الكثير الذي به نفخر، ولنا بعض السلبيات التي تنعكس على أدائنا، وهو ما نرجو أن نتخلص منها سريعاً، فتلافي سلبياتنا وتحسين أدائنا عاما بعد عام هو واجبنا الديني والوطني معاً، وما جرى هذا العام من تأخر رحلات عودة بعض إخواننا المعتمرين، الذين قدموا لادائها في شهر رمضان، بدءاً من الإخوة المصريين، ثم الجزائريين والتونسيين، وأخيراً العراقيين ولعل مسؤولية هذا التأخير مشتركة بين ناقلنا الجوي (الخطوط السعودية)، والتي أخذت تتراكم الاخطاء فيها منذ سنوات، وغابت عنها الرقابة والمحاسبة، حتى تواضعت خدماتها بشكل ملاحظ على مرّ الأيام، فاصبح بعض الناس يتجنبون السفر على متن طائراتها إلا أن يضطروا، حينما لا يجدون حجزاً على غيرها، وتتحمل مسؤولية هذا التأخير معها شركات طيران أخرى، كما هو الحال في تأخر سفر الإخوة العراقيين، والمسؤولة عنه ناقلهم الوطني، كما أن مسؤولية هذا التأخير قد شارك فيها أفراد من المعتمرين بتغيير حجوزاتهم في آخر لحظة، ولكن المسؤولية الأهم هي ما تقع على أجهزة وزارة الحج والخطوط السعودية، والتي المفترض أن تشرف على سفر المعتمرين عبر مطار جدة، لأن عدم مواجهة هذه الاخطاء، وعدم تطبيق الانظمة بجدية وحسم على المتسببين في هذا التأخر، سيجعل هذه المشكلة تتفاقم كل عام خاصة وأن التبرير للاخطاء هو الذي يسود في أغلب الاحيان، فتنظيم رحلات العودة للحجاج والمعتمرين يجب أن تضطلع بها مؤسسة حكومية كوزارة الحج بالتعاون مع وسائل النقل الوطنية والأجنبية، ومراقبة هذا بحزم ومعاقبة من لم يلتزم منها بالمواعيد المحددة في تذاكر السفر، وإلزامها بغرامات رادعة، فنحن لسنا في حاجة إلى تأسيس سمعة سيئة لنا في هذا المجال، عبر بلداننا الإسلامية كلها، فنتحمل مسؤوليتنا ونحمل الآخرين مسؤولياتهم، دون مواربة أو تبرير، فليس من المعقول أن تتكرر المشكلات دون أن نجد لها الحلول الحاسمة، فما تعرضت له سفارتنا في القاهرة أثناء أحداث يوم السبت 12/10/1432ه، حتى وإن كانت غير مقصودة كما هو تصريح سفيرنا هناك، إلا ان الذي يدورعلى ألسنة الكثيرين ممن شاركوا في الحدث أنه نتيجة لما حدث في آخر رمضان وأيام العيد للمصريين في مطار جدة، ولا بد لنا من دراسة واعية لما حدث، وضبط حركة الطيران من جدة، خاصة في المواسم المهمة في أشهر الحج، ثم بقية اشهر العام المسموح الاعتمار فيها، خاصة ما يكثر فيه القدوم والسفر كرمضان ورجب وربيع الأول، والا يقبل من أي معتمر الدخول الى البلاد إلا وهو يحمل بطاقة سفر مؤكدة الموعد للعودة إلى بلاده، وأي شركة طيران لا تفي بالمواعيد المقررة على بطاقات سفرها التي يحملها المعتمرون يجب أن تحاسب حساباً شديدأً، وتُجبَر نظاماً على التعويض لمن أخرت سفره وأن يتخذ ضدها قراراً بعدم اشتراكها في الموسم القادم، فترك الأمور تجري في أعنَّتها دون ملاحقة بالمراقبة الدقيقة والمحاسبة الحازمة، سيؤدي حتماً إلى تزايد المشكلات من هذا النوع، وهو الأمر الذي يقلق ولا شك فبلادنا تبذل من المال والجهد الكثير من أجل الحجاج والمعتمرين والزائرين، ويجب ألا يهدر كل هذا بتصرف غير مسؤول من شركة طيران، أو تصرف موظف فيها لم يتقن عمله، وسبب بإهماله إلى تعطل رحلات جوية عدة، وتكدس بسبب ذلك المسافرون في صالات السفر بالمطار، فالخطر يكمن في عدم معالجة الاخطاء حين حدوثها، مما يطورها إلى أن تصبح خصيصة لبعض الأجهزة الموكل اليها الخدمات، إن لم تقع منها فهي غائبة تماماً عن ساحة حركة الحياة، فالحسم في مثل هذه الحالة مطلوب، للاستفادة من وسيلة نقل حديثة هي الطيران، بتنظيم جاد للخدمة التي تقدمها للناس، وتقبض ثمنها مقدمًا، حتى ولو كانت هذه الوسيلة مملوكة للدولة، إلا أن تُصوَّر أنها منحة أو هدية تُبذل للناس، وعليهم احتمال ما قد يقع فيها من أخطاء، هو تصور خاطئ لا ينبئ عن الحقيقة، واذا كان هناك دعوى بأنها تخسر، لأنها تقدم الخدمة بثمن أقل من ثمن التكلفة فهي دعوى لا بينة عليها، فنفس الخدمة تقدمها شركات طيران أخرى بنفس الثمن أو اقل، وهي تحقق ارباحاً ليست قليلة، فتبرير الاخطاء بمثل هذه الدعاوى غير مجدٍ، ولا بد لتتحسن الخدمات من مواجهة الأخطاء بحزم، ومحاسبة من يتعمدونها، أو تنتج عن إهمالهم الشديد، وهذا يشمل كافة الأجهزة الموكل اليها تقديم الخدمات للمواطنين، وبغير هذا لا تستقيم الأمور، فهل ندرك هذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق.