قال الضَمِير المُتَكَلّم: استقرار أَيّ مجتمع وطمأنينته على المستويات كافة أساسه المساواة والعدالة الاجتماعية بين أفراده على كل طبقاتهم وشرائحهم في التنمية وتوزيع المشروعات والمخصصات، وفي فَرض الأنظمة وتطبيقها! وأيُّ قصور في منظومة (العدالة والمساواة) ضريبته اختلال توازن المجتمع، وإحساسه بالظلم وعدم الأمان والاستقرار المجتمعي مما يؤثر في تعاملاته وسلوكياته! وهنا (مثال بسيط) من مجتمعنا، ومن الساحة الرياضية تحديدًا؛ بما أن الإحصاءات أكدت أن نسبة كبيرة من مجتمعنا من الشباب، وأكثرهم يتابعون الواقع الرياضي، ويتأثرون بمخرجاته سلبًا أو إيجابًا؛ فقبل سنوات صدر قرارات حازمة توصي بمحافظة اللاعبين على المظهر العام، ومنعهم من بعض السلوكيات (وقَصّات الشَّعْر) غير المناسبة التي ربما خالفت الدّين أو العادات المجتمعية! يومها صَفّق التربويون والمجْتَمَعِيُون لهذا القرار أو النظام لما أن هناك شريحة من المجتمع ولا سيما الناشئة والشباب ينظرون إلى اللاعبين خاصة ما يُعْرَف منهم ب(النجوم) باعتبارهم مِثَالًا وقدوة؛ وربما قلدوهم في سلوكياتهم!! وحينها لم تكن إدارات الأندية صارمة في التفاعل مع هذا القرار؛ ولكن صدرت الأوامر لحكام المباريات بعدم انطلاقها ما كان أحد اللاعبين يحمل صفة المخالفة! تَمّ التطبيق والتنفيذ على بعض اللاعبين هنا وهناك، ومنهم (محمد نور) كابتن فريق الاتحاد بحجة (القَزَع)، بل كان مَشْهَد (المِقَص) يعلو رأَسَه جانب الملعب حتى يستطيع دخوله بأمر الحكم؛ حديث الساحة ووسائل الإعلام وقتها! ذلك التنفيذ الصارم في حق لاعب يعتبر من (فِئة خمسة نجوم) كان أيضًا محلّ ومثار الإعجاب؛ لما أنه يبصِم على حرص الجهات المعنية على التنفيذ دون استثناءات!! ولكن ما حصل بعد ذلك غَضّ الطّرف عن لاعبين آخرين في أندية أخرى سعوديين وأجانب؛ وكان آخرهم لاعب نادي الأهلي في مباراته مع النصر يوم الجمعة الماضي حيث ظهر أمام الجمهور وجميع الكاميرات بقصة (عُرْفُ دِيْكٍ غَريبة بل ومُقَزّزة) دون أيّ حِرَاك أو أصوات من الجهات المعنية! هذه القضية ربما نظر البعض إلى أنها هامشية صغيرة، وفي ميدان الرياضة لكن سلبياتها كبيرة تبدأ على طائفة من أفراد المجتمع برفض القوانين وعدم احترامها، والعَزوف عن الامتثال لها؛ بدعوى لماذا تُطَبّق علَيّ، وينجو منها غيري!! ولا تنتهي عند الشعور بالاضطهاد والطبقية، وإشعال نيران الفتة وإذكاء روح التعصب!! هذا مِثَال واحد وقريب من منظومة طويلة تؤكد أننا نُجِيد صناعة الأنظمة، ولكننا أحيانًا نفرغها من مضمونها وأهدافها بعدم تطبيقها، أو الازدواجية في التطبيق، أو الهروب منه عبر نفق الاستثناءات؛ وتلك المصيبة؛ فَسَهْل تفصيل الأنظمة والقوانين، ولكن الصعوبة في شمولية التطبيق؛ فمتى التنفيذ؟! (يا لَيل ما أطولك)! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة.