لعلّ أحد أهم ابتكارات السير ألكس فيرجسن المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد، هو القضاء على مفهوم اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين. طبعاً أنا لا أقصد هنا ما أصبح يطلق عليه حديثًا أسلوب (تدوير اللاعبين)، حيث أصبح طول الموسم الكروي في الدول الأوروبية، وتعدد المشاركات بالنسبة للفرق الكبيرة، يقتضيان تطعيم التشكيلة الأساسية في بعض المباريات الأقل صعوبة، بعدد من اللاعبين الاحتياطيين. ما قصدته فعلاً هو أن السير ألكس استطاع أن يتجاوز ما فرضته الضرورات على الفرق الكبيرة من إعداد صف ثانٍ يمكن الاعتماد عليه، وإقحام بعض عناصره في التشكيلة الرئيسة تفاديًا للإرهاق، إلى مرحلة القضاء على مفهوم التشكيلة الأساسية نفسها. في بداية الموسم أقحم السير ألكس سبعة من اللاعبين الجدد على التشكيلة الأساسية. ورغم كل ما أظهرته التشكيلة الجديدة التي اعتمد عليها فيرجسن من تجانس وقوة وفاعلية وصلت إلى حد إمطار شباك العريق آرسنال بثمانية أهداف في الأسبوع الثالث، إلاّ أن السير ألكس فاجأنا جميعًا في دوري الأبطال عندما توجّه إلى البرتغال لملاقاة فريق بنفيكا المشهود له بالصلابة والقوة، وخصوصًا على أرضه، بتشكيلة لم تضم سوى النجم وين روني، وباتريس إيفرا من ضمن العناصر التي كانت تشارك في مباريات الدوري! مَن يصدق أن لاعبين مثل ناني، وأشلي يونغ، وجونز، وجي سونغ بارك، ودارن فليتشر، وتشيتشيرتو هيرنانديز، وديميتار برباتوف، ورايان غيغز، ومايكل كاريك، وأندرسن، وداني، ويلبك، وأنطونيو فالنسيا، وريو فيرديناند، ورافاييل دا سلفا، وحتى الحارس دي خيا.. مَن يصدق أن كل هؤلاء ليسوا أساسيين، ولا احتياطيين، وأن تشكيلة الفريق حتى في المباريات المهمّة، قد تضم بعضهم، وقد تخلو من بعضهم الآخر؟! في الفريق لم يعد هناك لاعبون أساسيون سوى روني، وإيفرا، وقائد خط الدفاع نيمانيا فيديتش. أمّا الآخرون فيمكن أن تشاهدهم يشاركون في أية مباراة، أو يغيبون عن أية مباراة مهما كانت درجة أهميتها. وهو ما عجز عنه برشلونة نفسه الذي أراد مديره الفني أن يطبق أسلوب تدوير اللاعبين عند لقائه بريال سوسيداد الأسبوع الماضي، فما كان من الفريق إلاّ الخروج بنقطة يتيمة، بعد أن فشل في الحفاظ على تقدمه بهدفين نظيفين! ما يفعله السير ألكس فيرجسن أكبر من أن يخطر بخيال أحد من المراقبين، أو المديرين الفنيين. هذا الرجل أسطورة حية.