عندما يكون للجمال أكثر من معنى، وعندما تتحوّل قصة الحب إلى عشق جنوني، يصل إلى درجة الهيام والغرام، فإنك حتمًا تكون قد تركت أرض الواقع، ورحت بعيدًا في عالم الخيال والأحلام، ذلك العالم الجميل الذي لن تجد عنوانًا له أجمل من جماهير القلعة. حاولت جاهدًا أن أتخيّر كلماتي من قواميس اللغة ومعاجمها، لكنني أعلم -علم اليقين- أنني لن أجد ضالتي فيها، فأجمل الكلمات، وأروع العبارات، وأحلى الجمل لن تفي هذا الجمهور الرائع معشار حقه، وستقف عاجزة أمام وصف حبه وعشقه المتناهي لكيانه الكبير والعريق. بصراحة لم أكن أتوقع أن تستمر سياسة المدرج الزاحف التي اتّبعتها جماهير الأهلي نهاية الموسم الماضي بنفس هذه الصورة القوية، واللوحة الفنية الرائعة، ولكن يبدو أن جماهير القلعة الخضراء أدركت أن هذه السياسة هي كلمة السر المفقودة، ومفتاح البطولات والأمجاد. الحضور الجماهيري في لقاء الأنصار في طيبة الطيبة كان مهيبًا ورائعًا جدًّا، توّج في مباراة النصر بصورة تعدّت حدود الخيال، فقادت جماهير الراقي فريقها لتحقيق النقاط الست في بداية المشوار؛ ليستبشر المشجع الأهلاوي هذا الموسم ببداية غير. نعم لم نشهد ذلك المستوى الفني الذي يواكب جمال هذه الصورة، ولم نشهد تصحيح الأخطاء في الخط الخلفي الذي مازال يعاني ويعاني ويعاني دون حل لهذه المعضلة، ولم نشهد ذلك التفوق الواضح في الأداء الفني، لكننا شهدنا ما هو أهم -من وجهة نظري- وهو حصد النقاط كاملة. في لقاء النصر أحمل التحايا والعتب، فتحيتي الأولى أوجهها للنجم الخلوق مالك معاذ، الذي قد أكون قسوت عليه يومًا ما، لكنه أثبت معدنه الأصيل، وهو يقدّم التحية الخاصة لجماهيره العاشقة في مشهد جميل، ينم عن عشق كبير من هذا اللاعب للكيان الذي قدّمه كنجم.. أمّا تحيتي الثانية فأوجهها لمساعد الحكم بدر الشمراني الذي احتسب ركلة جزاء بكل جرأة وشجاعة، قلّما نجدها في مساعد الحكم. عتبي كبير على جماهير النصر التي خدشت جمال المباراة في اللحظات الأخيرة، بتصرفاتها، وهنا ننتظر القرار الأول من لجنة الانضباط هذا الموسم حتى تبرهن قوتها وصرامتها منذ البداية، لكن عتبي الأكبر على مَن كان في يوم من الأيام معشوق الجماهير السعودية عامة، وجماهير الأهلي خاصة، وهو اللاعب حسين عبدالغني عندما تصرف بغرابة في كرة كان المفترض منه أن يعيدها للاعبي الأهلي بروح رياضية، لكنه فضّل اللعب سريعًا مستغلاً ثقة خصمه به. أعود إلى عالم الجمال والمتعة؛ لأعيدكم إلى تلك الصورة الرائعة التي ظهر بها الجمهور الأهلاوي، متحدّيًا حاجز الصوت والصورة؛ ليضرب أروع الأمثلة في احترافية الجماهير؛ ليثبت أنه الرقم الأصعب في خارطة الكيان الأهلاوي. حقًّا إنه جمهور الأحلام.