يظل الموت هو أصعب المصائب وأكثرها إيلامًا، ويظل هو القدر المحتوم لكلِّ منا، وليس لنا عنه بد ولا خيار، ولكن ذلك الحدث الجلل يكون أكثر إيلامًا وأقوى وقعًا إذا حدث لرجل تجلّت فيه كل صفات الخلق والعمل والإنتاج لدينه ووطنه وقضايا أمته. كانت ليلة التاسع والعشرين من رمضان الماضي ليلة باكية للوسط الإعلامي والثقافي وللوطن بأسره فقد رحل رمز كبير من رموزه، قدم له من عرقه وفكره وصحته الكثير والكثير، إنه الأديب والإعلامي والمفكر الكبير محمد صلاح الدين. بالنسبة لي - وربما لجيلي الإعلامي الشاب - عرفت محمد صلاح الدين فقط من خلال (الفلك يدور) وهو عنوان عموده اليومي وبالنسبة لجيل قبلي هو أكثر من ذلك فهو مدير تحرير وناقد ومفكر.. بالنسبة لجيلي الشاب نفرح بالكواكب النيرة في صحفنا وأعمدتنا من أمثال المرحوم محمد صلاح الدين فهي تشكل لنا رصيد خبراتي يسهل لنا فك رموز الكثير من شفرات الحياة المتسارعة التي نعيشها اليوم.. ولكنه رحل بهدوء قبل أن يجيب عن كل تساؤلاتنا! نعم رحل محمد صلاح الدين وتوقف فلكه عن الدوران ولكن حبه بقي الثابت الوحيد في قلوبنا! رحل محمد صلاح الدين بهدوء الكبار وترك لنا جيل الشباب الإعلامي المتعطش للكلمة الحرة الكثير والكثير من الدروس وبقي معها الكثير من الاستفهامات! رحل كبيرًا كما عاش كبيرًا، ونحن جيل الشباب الإعلامي كلنا أمل في صحيفتنا الرائدة (المدينة) أن يعملوا على تخليد الذكرى الطيبة والسيرة المفعمة بالإنجاز للمرحوم من خلال تخصيص جائزة سنوية باسمه للأقلام الشابة في حقول فن التحرير الصحفي من المقالة إلى الخبر مرورًا بالتحقيق بل حتى بالصورة الخبرية المعبرة، وبهذا تكون المؤسسة قد أوفت الفقيد جزءًا من حقه من التقدير، وكذلك فهي قد حصلت على مواهب إعلامية جديدة تدعم مسيرتها! ليكن هذا المقترح أو غيره.. المهم أن نبتكر لمفكرينا وروادنا ممن قدموا الكثير لوطنهم طريقة للتكريم غير طريقة الدرع الذي يقدم للورثة ثم يركن في زاوية ذكرياته! إن الجيل الإعلامي الشاب بحاجة إلى أن يطلع كثيرًا على تجارب أسلافه بطريقة تجعله يستلهم منها الهمة والعزيمة على مواصلة المشوار والمضي بخطوات واثقة وخاصة في مهنة المتاعب! سعيد دخيل اليزيدي - الرياض