استمعت لخطبة جمعة عن الزكاة في مسجدنا، ولم أخرج منها إلا بمفهوم واحد ألا وهو تعصب الخطيب للرأي الموجب إخراج زكاة الفطر من قوت البلد، وأنه لا يجوز إخراجها نقدًا، حتى إنه تعالى على الله سبحانه وتعالى شأنه، وقال نصًا: إنها لن تُقبل من مخرجها نقدًا ولو أخرج أضعاف أضعاف قيمتها نقدًا، وجزم وأكد عدم القبول، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو شاب في مقتبل العمر، ليس له من التجربة والخبرة والجلوس إلى العلماء والاستماع إلى الآراء واختلاف الأقوال إلا القليل لحداثة عمره، ولهذا يجب اختيار الأئمة بعناية، ومن لا يقل عمره عن سنين محددة، حتى تكون خُطب الجمعة مفيدة وخالية من التعصب والأحادية، ويكون لها مردود إيجابي وليست تحصيل حاصل لوجوبها فقط. وبالمقابل استمعت باستمتاع إلى فضيلة الشيخ الدكتور محمد عبدالرزاق الطبطبائي رئيس المؤتمر الدولي للاقتصاد الإسلامي في برنامج دين ودينار، الذي تقدمه قناتي التي أفضلها ليلًا ونهارًا قناة سي إن بي سي العربية لتنوعها وخبرة واتزان القائمين عليها وتنوع إنتاجها وتنوع تقديمها، وأغلب طرحها جيد، بعيدًا عن الإسفاف والتعصب والمجون والعري. وحقيقة الآراء التي طرحها الشيخ الطبطبائي في جملتها آراء فقيه اقتصادية لها مدارسها ودارسيها من أئمة المسلمين، وحول الإخراج لزكاة الفطر نقدًا ذكر أن الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه أجاز ذلك، وتكلم عن مفهوم الحديث، وماذا تعني كلمة قدرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلاف المفهوم بين الرأيين الفقهيين، فتأتي بمعنى أوجب إخراجها بما ذكر صلى الله عليه وسلم، وتأتي بمعنى ثمن قدرها بصاع التمر أو صاع الشعير، وأن في الأمر سعة، وللمسلم أن يأخذ بما يراه من الرأيين، والإخراج نقدًا قال به الحنفية أيضًا وهو مذهب إسلامي معتبر، وفصل الشيخ الطبطبائي في وقت إخراجها ومستحقيها، ولا أود الخوض في ذلك كفًا لما سألاقيه من آراء المتعصبين للأحادية وتفسيق الغير. وفي واقع الأمر إن زكاة الفطر والتصميم على إخراجها من قوت البلد وعدم تجويز إخراجها نقدًا كون نفعًا كبيرًا ودخلًا أكبر للتجار؛ لأن أغلب الفقراء يبيعونها مرة أخرى للتاجر بثمن بخس، وتمصلح منها التاجر، والأموال تدور في جعبته وتزيد في رصيده. وبناء على ما سبق هناك مشكلة كبيرة في إخراجها من قوت البلد في زمننا الحاضر، ولا بد من حل فعلي عملي، وعلى المؤيدين والمتعصبين لإخراجها بهذا الشكل العيني إيجاد الحل، أما عني شخصيًا فسوف إن شاء المولى سأستمر في إخراجها نقدًا، وإن قال إمام مسجدنا ما قال، وأتحداه أن يقرر عن الله ويجزم بعدم القبول، أما عن لسان حالي فسوف أرجو من المولى القبول، ولا أجزم بشيء معين ولله الأمر وبيده الأمر. وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجرًا من أحدٍ سواه