خطاب القذافي الخامس – حتى كتابة هذا المقال - بعد فراره من العاصمة طرابلس، والذي حث فيه «مؤيديه» على مواصلة الهجوم ضد من وصفهم ب«المستعمرين»، وأعلن فيه أن مسقط رأسه مدينة سرت هى العاصمة الحالية لليبيا هو إعلان مُضحك ومثير للسخرية. هذا الإعلان يُذكرني بفيلم «كراكون في الشارع» لعادل إمام الذي يُسلط الضوء على مشكلة السكن في مصر. فلا يجد عادل إمام إلا السكن في المقبرة ثم بناء منزل خشبي متنقل يسحبه «حمار» من مكان إلى آخر بعد انزعاج الجيران من منزله و«نهيق حماره» .. وملاحقة الأمن له أينما حل رحاله .. حتى يجد أخيراً مكانا في الصحراء. القذافي بدوره يريد تحويل العاصمة الليبية إلى «كركون» يسحبه حيث يكون، فطالما هو اليوم في سرت فإن العاصمة هي في سرت وإذا ما أجبره الثوار على الرحيل فإنه سيسحب معه العاصمة إلى مقره الجديد حتى ولو داخل حفرة في أقصي الصحراء الليبية؟! إنها بلا شك عقدة «القائد التاريخي» التي أجاد وصفها الأستاذ غسان شربل والذي «يحوّل المواطنين مزيجاً من العبيد والكلاب. يشعرك بأن الأرض ملكه وقَبِل باستضافتك عليها شرط أن تبيع حريتك وإنسانيتك (...) يشعرك بأنه يملك بيتك وأطفالك. وأنك تعيش لأنه لم يقرر بعد أن يقتلك. ظلّه حاضر في غرفة الجلوس وغرفة الطعام ويكاد أن يحضر في غرفة النوم أيضاً .. ». المؤسف أن القذافي، الذي يدعي مقاومة «المستعمرين»، يُطلق ذخيرة كتائبه على شعبه وأهل بلده، فهو قطعاً لا يدافع عنهم بل يدافع عن بقائه في كرسي الحكم ولو على دماء وأشلاء الشعب الليبي قاطبة!!