* يا طفلي الصغير هيا احمل حقيبتك الصغيرة لنذهب معاً للمدرسة التي غادرتها بعد نجاحك، لتعود إليها اليوم بعد قضاء إجازتك، واعلم جيداً انه بودك أن تستمر الإجازة إلى ما لا نهاية، لكن الحياة يا صغيري هي ليست لعباً، بل هي الجد والعمل، وهي المدرسة التي ستقدم لك أجمل وأقسى وأصعب الدروس، وسترى حين تكبر كل ما قلته لك، وستتذكر حتماً كل كلماتي هذه التي أقولها لك الآن، حيث أهدتني منها الكثير وقدمت لي بسخاء التجربة تلو التجربة، يوم كانت الحياة جهمة جداً، لكنها كانت بسيطة جداً، وليتك تعلم عن أن ماضينا كان شاحباً كعود ثقاب، لكننا كنا حريصين على أن نقفز من حفر العناء لنحقق لأنفسنا مكانة، واليوم يا صغيري ها أنذا أزفك للغد الآتي، الذي أتمناه يكون سعيداً، كما أتمنى أن أراك ناجحاً، فكن عند حسن ظني بك، واحملني خلف اسمك مفردة جميلة، وبحجم حبي لك، فإني لا أتمنى سوى أن يمد الله في عمري حتى أراك وقد حققت أحلامك..!!! * يا صغيري ها أنت تتقدم لتصافح عامك الدراسي الجديد وفصلك الجديد، وزملاؤك الذين ينتظرونك، فامسح اليأس، وقل بسم الله، وتوكل على الله ولا تخف أبداً، لأنك تعلم أنني معك في ذهابك وإيابك، معك في كل تفاصيل حياتك، معك في كل مكان كما كنت معك في كل الأعوام السابقة، ويعلم الله أنني عشت قبلك حياتي في بيئة مختلفة وظروف أصعب وحكايات هي أقرب للخيال، وأنه من حسن حظك أنني حاولت جاهداً أنا وأمك من أجل أن نحقق لك وإخوتك بعض السعادة، كما أتمنى أن أغادر الحياة وأنتم قد وصلتم لأحلامكم، وهي أمنيتي، وأنت تعلم أنني أمتهن الكتابة، وهي المهنة التي تقتلني بعناية وتصادر مني كل ما يهمني دون أن تقدم لي شيئاً سوى الموت، وليتك تعلم أنني من أجل هذا الوطن الجميل لا أمانع في أن أرمي بروحي في أتون الجحيم، ليس إلا من أجل أن أرى الحب يغني للوطن، لكن قضيتي مع الكتابة هي أن بعض الواهمين الذين يكرهون كل من ينتقد أخطاءهم ويعاملونه معاملة عدوّهم الذي يتمنون له الهلاك وهو يموت من أجلهم، ومن أجل أن يهب لهم الحياة، وهذه هي مأساتي مع الكتابة التي اخترتها لتكون مهنتي، واعلم جيدا أن وطني يليق بحبي وهو جدير بكل تضحياتي، ولا أجمل من أكتبه هنا ويكتبني في ذاكرته في حياتي وبعد مماتي..!!! * ( خاتمة الهمزة).. قل لهم يا عبدالله أن لك أماً عظيمة، تعبت من أجل أن ترسم ملامح الفرح في بيتنا الصغير، وأنها ضحت كثيراً لتبني من تعبها ومن عذاباتها حكاية أسرة سعيدة، وقل لهم أن جدك علي يرحمه الله كان عسكرياً أميناً، خدم الوطن (37) عاماً، وأنه كان يسهر ليله ليحمي الوطن، وقل لكل الناس أن والدي لا يحمل في جيبه سوى(القلم)، وقل لهم أنك تريد أن تكون ضابطاً يموت من أجل الوطن.. وهي خاتمتي ودمتم..!!!