وكأن تحصن بعض المديرين في أبراجهم العاجية، لايكفي لتدهور إداراتهم، وتعطيل إنجاز المعاملات المعتمدة جميعها على تواقيعهم وموافقتهم الخطية، أو كأن تجاهلهم حل مشكلات الناس وقضاياهم، وعدم إنصاف أصحاب المظالم، وسوء معاملتهم، ليس كافيا للتنغيص على الموظفين وكسر خواطر المراجعين وأصحاب الحاجات، بل يزيد أولئك المديرون الطين بلّة، ويختفون أسابيع طويلة في إجازات ممتدة، يكلّفون فيها نواباً محدودي الصلاحيات، فيتأجل البت في مشروعات متعثرة أصلا، وتتعطل مصالح الناس، فالمدير «بالإنابة» في حيرة من أمره، هل يتصرف بطريقة إدارية قد لايرضاها المدير الفعلي، ويتعرض لغضبه وتوبيخه، أم يعتمد قاعدة «طَب طِب» وطريقة «مشّي حالك» لتخدير القضايا العالقة، وتأخير حقوق الموظفين ومصالح المواطنين والمقيمين، لحين عودة المدير إلى عرينه ؟!. ويندرج غياب بعض المديرين عن اجتماعات مهمة، تحت الأساليب الإدارية الملتوية، فهم مطمئنون إلى أصحاب الولاء الشخصي في كل اللجان، فقد اختاروهم بأنفسهم، لينفّذوا أوامرهم، ويصوّتوا لرأيهم، وفي النهاية يُقرّون هم توصياتها أو يرفضونها، فعلام يتكبدون عناء حضور اجتماعات نتائجها محسومة !!. أما اللقاءات العرضية لبعض أولئك المديرين مع الموظفين لعرض مشكلاتهم، فهو من باب «ذر الرماد في العيون»، وتوثيق مظاهر الاهتمام بهم، أو لتحذير الموظفين من مغبة مخالفة بعض قراراتهم العشوائية، فالمدير من أولئك، مولع بشهوة التحكم، ويستميت للمحافظة على مظهر المسيطر، القادر على إرضاء رؤسائه، دون إبداء أي سلاسة أو تفهم تجاه حاجات العمل والعاملين، فالحفاظ على منصبه الإداري، ومكتسباته الشخصية، تأتي دوما في المرتبة الأولى. وفي تولّي بعض المديرين غير المؤهلين إداريا، والضعفاء فكريا، والمضطربين سلوكيا، تجاوز ل «الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد» التي نصت بعض موادها على: « اختيار المسؤولين في الإدارات التنفيذية التي لها علاقة بالجمهور من ذوي الكفايات والتعامل الحميد مع المراجعين، والتأكيد على مديري الإدارات بإنهاء إجراءات معاملات المواطنين ومراقبة الموظفين حتى لايضعوا العقبات أمام تلك المعاملات، والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه، وفقاً للأنظمة «. «لو أنصف الناس، لاستراح القاضي» !!.