** كيف يستطيع الإنسان أن يعيش مشاعر الفرح، وأحاسيس الألم في لحظات متقاربات.. أن يجمع بين البسمة والدمعة في آن: لقد أحسستُ بهذا الشعور وأنا أستقبل عيد الفطر والابتهاج، وفي ذات الوقت أستقبل رسالة جوالية عن الأستاذ الوفي محمد محمود تفيدني برحيل المفكر والكاتب الكبير محمد صلاح الدين إلى رحمة الله! *** ** إن رحيل هؤلاء المفكرين في ظروف أمتنا وتحدياتها الحالية خسارة مضاعفة. فما أحوج أمتنا إلى ذوي الرأي السديد، والقول الرشيد أمثال الراحل الكبير أ. محمد صلاح الدين غفر الله له. لقد درنا في فلك قلم هذا الراحل في «صحيفة المدينة» سنين طويلة، نستقي الحكمة منه، ونجد ضالتنا في رأيه الصادق، بحرفه تجاه أحداث أمته ووطنه، فهو صاحب الرأي الذي ينبع من رؤية إسلامية صافية، ومن حس وطني شفاف. *** ** رحيل أ. صلاح الدين صاحب الطروحات الفكرية المعتدلة خسارة كبيرة في خضم الآراء المتضاربة شمالاً وجنوبًا، وغربًا وشرقًا دون ضابط من حكمة، او رابط من رؤية.. تستهدف صلاح الأمة، أو تستهدي بهدي وسطية الدين الحنيف وهذا الوطن الغالي. ** لقد عرفتُ أستاذنا الراحل كاتبًا يفيض النقاء والصدق والصفاء من قلمه، كما عرفته إنسانًا ينبض الاتزان والعقل، والحكمة في منطقه. اعتدتُ في كل عيد أن أتلقى منه «كرت معايدة»، موقّعًا منه فأسعد به؛ لأنه يجيء من محب يتذكرك في مثل هذه المناسبات الجميلة.. هذا العيد لم أتلقّ «كرته»، تلقيت نبأ رحيله! ويالفرق المشاعر بين كرت العيد، ونبأ الرحيل.. لكنها إرادة الله.. والعزاء أن هذا الراحل أعطى لمسيرتنا الإعلامية والصحفية والفكرية على مدى عقود عديدة، وتخرّج على يديه إعلاميون وكتّاب يحيون ذكره بأعمالهم وكتاباتهم، عزاؤنا أنه رحل إلى ربه طاهر السريرة، صادق العطاء، نقي الخطاب إن شاء الله. ولعله لاقى ربه وهو لم يندم على أي حرف خطه قلمه، أو سطّره يراعه، أو نطق به لسانه. *** ** إن ممّا افرحني وأنا أقرأ مقالة صديقه الصادق د. عاصم حمدان أن الراحل الغالي كان «حافظًا لكتاب الله».. ومن هنا لم أستغرب وأنا أقرأ كتابات الراحل على مدى السنوات الماضية فأرى الثبات بالرأي، والحكمة بالقول، والإخلاص للوطن، والأمة. أيُّها الراحل: كنتُ أمنّي نفسي بلقائك بجدة -كما وعدتك ذات مناسبة- قبل أن يداهمك الداء الذي أسأل الله أن يكون مكفّرًا لذنوبك.. ها أنت ترحل -أيُّها العزيز- ولم ألتقِ بك.. سيكون لقاؤنا الأجمل والأبقى بحول الله في جنات نهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. رحمك الله أبا عمرو. عضو مجلس الشورى