كانت وفاة الأستاذ محمد صلاح الدين في خواتم هذا الشهر الفضيل، شهر الرحمة والمغفرة والرضوان، مُجدِّدة للأحزان، إذ كم من الكبار قد فارقنا في هذه السنة، وانكفأ إلى خالقه بنفس راضية مَرضيَّة، وقد أدى رسالته إلى مجتمعه وقومه بكل جدارة واستحقاق؛ إنها سنة الأحزان حقا، كيف لا! وقد غادرنا فيها العديد من رجالات الفكر والثقافة كالدكتورمحمد عبده يماني المتيم بحب نبيه وآله، والأديب الحجازي عبدالله عبدالجبار، والمؤرخ الجغرافي عبدالله بن خميس، والكاتب الأنيق الغارق في حب عروسته محمد صادق ذياب، والكاتب الإعلامي المتألق محمد رجب، فرحمة الله تغشاهم جميعا، ولتنعم أرواحهم الخالدة في ذاكرتنا بسلوكهم وقيمهم وأعمالهم الجليلة؛ وكم هي أمنيتي أن أرى صورهم وغيرهم من مثقفي وأدباء ومفكري وطننا الأبي، في لوحة بنورامية جميلة تتصدر واجهة الرواق الرئيسي لمقر نادي جدة الأدبي والثقافي الجديد، ذلك المقر الفريد في هندسته المعمارية، المُستوفى غاية ما يجب أن يستوفيه أي مركز ثقافي متكامل، من قاعة مسرح عظيمة مُجهزة بأحدث الأجهزة الضوئية والسمعية، وبأفضل تقنيات العرض البصري، تستوعب قرابة الألف شخص بما فيها المقاعد المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومكتبة عامة وأخرى رقمية حديثة، وقاعة للفنون وعرض إبداعات الشباب، ومكاتب إدارية متعددة، إلى غير ذلك من الرَّدهات المغلقة المتنوعة، والمساحات المكشوفة في الهواء الطلق ضمن إطار تلك الحديقة الغناء، التي يطل عليها النادي من جهته الشمالية، فهل يستحق أولئك الرواد أن يتم تكريمهم بتعليق صورهم على تلك اللوحة البنورامية في مدخل قاعة السيد حسن شربتلي الرئيسية؟ التي من المقرر أن يتم افتتاحها برعاية كريمة من أمير منطقة مكةالمكرمة أمير الأدب والثقافة خالد الفيصل مساء يوم الاثنين الحادي والعشرين من شهر شوال لهذه السنة، بحضور نخبة من رجال الأدب والمعرفة يتقدمهم معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور الشاعر عبدالعزيز خوجة، أرجو أن يعمل مجلس الإدارة الحالي للنادي الأدبي برئاسة الأديب اللغوي الأستاذ الدكتور عبدالمحسن القحطاني على تحقيق ذلك تكريما واحتفاء بشخوصهم أحياء وأمواتا. تجدر الإشارة إلى أن ذلك المنجز الحضاري، الذي تشرئب كل الأعناق الثقافية إلى أن تُخَيِّل فيه، وتُتَوَّجَ على منصته الرئيسة بإلقاء مختلف أعمالها الثقافية المتنوعة، ما كان ليكون لولا تضافر جهود أبناء السيد حسن شربتلي يرحمه الله، الذين بَرُّوا أباهم بتخليد اسمه في أجل أعمال الفكر والثقافة، وجهود رئيس النادي الدكتور عبدالمحسن القحطاني، الذي ما فتئ يعمل على متابعة أعمال البناء وإنجاز مختلف متطلباته المساندة، بحب وسرور بالغين، حتى ليَظُن أحدنا، من خلال استشعار بذل الجهد في المتابعة والإشراف على البناء، أنه يُنجزُ أحد مبانيه الخاصة، وهو مجهود يستحق عليه الشكر والعرفان، ولاشك فالشكر موصول بأعذب الكلمات وأفضلها لأبناء السيد حسن شربتلي، الذين ضربوا مثلا جليلا في أعمال المسؤولية الاجتماعية، فكان جهدهم الواضح في إنجاز القاعة على أكمل وجه وأفضل حال، وأملنا أن يقتدي بهم كل رجال الأعمال في وطننا الحبيب، فيساهموا في إنجاز العديد من الأعمال الوقفية التي تستحقها مدينتهم، وباتت مُحتاجة إليها، ليعود ألقها من جديد، وتتزيَّن كعروس في أيام أعيادها القادمة، فهل ذلك بعسير عليهم؟ وهل تستحق العروس أن يَبذلَ أبناؤها شيئا مما قدمته لهم سلفا، لإعادة ما تناثر من شموخها ورونقها الذي تتفاخر به؟ سؤال أنتظر الإجابة عليه فعلا من مؤسسة بيت التجار بجدة، فهل سيطول الانتظار؟!.