نظام الحكم الذي يخشى من قلم كاتب ويفزع من ريشة رسام ، هو نظام لا يساوي الحبر الذي يهرق في مقالة أو الورقة التي تعانق رسما كاريكاتوريا . أنظمة كهذه هي أنظمة هشة وجبانة وقابلة للتقويض حتى ولو استمرت عقودا في الحكم ، وحتى لو اختبأت وراء ترسانة عسكرية جبارة ومؤسسات أمنية مخيفة لا هم لها سوى التنكيل بكل وطني غيور . النظام السوري الذي اعتدى على رسام الكاريكاتور المبدع علي فرزات وحاول تكسير أصابعه ، وجعل الانتقام منه وتصفية حساباته مع أفكاره واحدا من ضمن قائمة اهدافه القمعية خلال هذه الانتفاضة التي تعم أرجاء البلاد منذ شهور ، هو نظام غبي فضلا عن كونه ضعيفا . وعندما يجتمع الضعف والغباء في أي نظام حكم ، فإن النتيجة الحتمية لذلك هي الإصابة بالغرور والجبن في آن واحد . النظام السوري - وغيره من الأنظمة العربية التي قمعت وما تزال تقمع شعوبها - لا يمكن إذا ما أردنا فهمه وتحليله ، أن نحيله إلى علم السياسة الذي أعطى انظمة الحكم في العصر الحديث ، تقسيمات واضحة وتعريفات محددة . إن هذه الأنظمة ليست فاشستية أو شمولية أو توتاليتارية أوتيوقراطية أوحتى مكيافيلية ، لأن المكيافيلية أو الانتهازية مرنة وتشترط تقديم التنازلات لدرء الخطر . هذه الأنظمة ليس لها تصنيف واضح بين التصنيفات المعروفة في علم السياسة ، لأن ما فعلته وما زالت تفعله بشعوبها ، لا يتوافق وما شاهدناه من سلوكيات الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية ، وعلى رأسها النظام السوفييتي الذي انقلب على جورباتشوف وأخرج الدبابات للشوارع ولوح باستخدام ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم لمقاومة المد الديمقراطي الذي غزا البلاد ، لكنه رضخ بعد حوالي يومين ولم يستطع أن يطلق طلقة واحدة في وجه المحتجين الذين وضعوا اجسادهم تحت جنازير الدبابات . الأنظمة العربية ليست حالة سياسية بقدر ما هي حالة نفسية أو ربما حالة عصاب اوحتى ذُهان تعرف في علم النفس ( بالسايكوباثية ) أو انعدام الضمير بشكل كلي . ولكي نفهم سلوكيات هذه الأنظمة ونتنبأ بخططها المستقبلية ، علينا ان نلجأ إلى علم النفس وليس إلى علم السياسة الذي لن يفيدنا في هذا المجال . نحن أمام حالة اختلال نفسي لا سياسي .