تصادف الليلة ليلة ختم القرآن العظيم في الحرمين الشريفين وفي معظم مساجد المملكة. وهي آخر الليالي الوتر في العشر الأواخر من رمضان التي ترجى فيها ليلة القدر. أسأل الله الكريم المنان أن نكون جميعاً ممن وفقه الله في الشهر الكريم للعمل الصالح المبرور، وأن نكون ممن أدرك ليلة القدر بعمل موفق مشكور، ندّخره عنده سبحانه وتعالى ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. في هذه الليلة يتسابق كثير من الأئمة لتسميع محفوظاتهم الكثيرة من الأدعية، فيطيلون دعاء ختم القرآن بطريقة تشق على كثير من الناس. فبعض هؤلاء الأئمة – هدانا الله وإياهم – قد يصل دعاؤه إلى عشرين دقيقة، وبعضهم إلى ثلاثين دقيقة, ومنهم من يصل إلى أربعين دقيقة أو يزيد. وهذه مشقة عظيمة على الناس بأن يقفوا هذا الزمن الطويل رافعي أيديهم وأكفهم، ناصبي أجسامهم. ومما يزيد المشقة أن دعاء الختم يأتي بعد جزء كامل من القرآن الكريم وتسع عشرة ركعة. لا أدري من أين جاءتنا هذه العادة التي افتتن بها كثير من الأئمة والناس وما كان لها أصل بهذه الشاكلة التي نراها اليوم في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا في نهج الخلفاء الراشدين المهديّين. لقد كان عليه صلوات الله وسلامه رؤوفا رحيما بالمؤمنين. فقد كان يخفف الصلاة المكتوبة عند سماعه بكاء طفل. وقد كان يلوم بعض أصحابه الذين يؤمون الناس في الصلاة بأن لا يكونوا فتّانين بإطالتها. فما بال هذه الطريقة أصبحت رمزاً مهماً، تزداد في الطول عاماً بعد عام؟ وعلم الله كم في المصلين من مريض ومسنٍّ وضعيف جاء ليحضر مع الملائكة والناس ختم الكتاب المجيد. لقد كان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام يحض على تخيّر جوامع الدعاء مثل «اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم» ومثل «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وغيره مما يشابهه. فحبذا لو يأخذ أئمة المساجد بذلك عوضاً عن التطويل والمشقة، وحبذا رفقهم بالمأمومين. أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل سبحانه منا جميعاً الصيام والقيام وصالح الأعمال إنه جواد بر رحيم. وكل عام وأنتم بخير