نفذت أجهزة الأمنية السورية فجر أمس حملات مداهمة واعتقالات شملت عشرات في حرستا الواقعة في ريف دمشق حيث استمرت التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، فيما قالت فاليري بيكريس المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية أمس أن فرنسا تريد تشديد العقوبات على سوريا وتكثيف الضغوط من جانب الأممالمتحدة لتحقيق انتقال ديمقراطي، وقالت بيكريس في إفادة صحفية «فيما يتعلق بالمسألة السورية تؤكد فرنسا رغبتها في تشديد العقوبات. نود أن نرى ضغوطًا أشد من الأممالمتحدة ومن المجتمع الدولي على سوريا من أجل انتقال ديمقراطي.»دبلوماسي: الاتحاد الأوروبي سيفرض على الأرجح حظرًا نفطيًا على سوريا بنهاية الاسبوع المقبل. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «اجهزة الأمن السورية نفذت فجر أمس حملة مداهمة واعتقالات في حرستا في محاولة لوقف التظاهرات الحاشدة التي استمرت في المدينة رغم حملات الاعتقال السابقة»، وأعلن المرصد أن «حملة الاعتقال شملت 37 شخصًا». وأشار المرصد إلى أن «قوات عسكرية وأمنية أغلقت مداخل مدينة حرستا بعد منتصف ليل الاثنين وسمحت بدخول اهالي المدينة فقط» بعدما قامت «فجرًا بحملة مداهمات للمنازل واعتقالات أسفرت عن توقيف أكثر من 120 شخصًا». ولفت المرصد إلى أن «عملية الاعتقال ترافقت مع الضرب والتنكيل وتكسير أثاث بعض المنازل وتخريب محتويات متاجر عائدة لمطلوبين للأجهزة الأمنية». وفي ريف دمشق أيضًا، خرجت مساء الثلاثاء «تظاهرات مطالبة بإسقاط النظام في دوما وداريا وحرستا وكناكر والزبداني والكسوة ومضايا» بحسب المرصد. وتشهد سوريا تظاهرات احتجاجية غير مسبوقة منذ منتصف مارس ضد النظام السوري أسفرت عن مقتل أكثر من 2200 مدني مما دفع الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة إلى الدعوة لفرض عقوبات على الرئيس السوري والمحيطين به. ولكن ورغم هذه الدعوات ورغم النجاح الذي حققه حلف شمال الاطلسي في مواجهة نظام العقيد معمر القذافي، يبدو التدخل العسكري مستبعدًا جدًّا في سوريا البلد الذي يشهد وضعًا مختلفًا جدًّا عن ليبيا. ولا تريد الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الاوروبيون فتح جبهة جديدة في دمشق حيث المعارضة غير منظمة ويملك الرئيس بشار الأسد قوات يخشى بأسها. ومنذ الربيع، لعب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دورًا محركًا لفرنسا في العمليات في ليبيا. وقال وزير خارجيته آلان جوبيه هذا الاسبوع أن نتيجة النزاع الليبي «سيكون لها تداعيات على سوريا»، لكن جوبيه استبعد تحركًا عسكريًّا ضد نظام الاسد. وفي واشنطن، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند أن المتظاهرين السوريين لا يحبذون تدخلًا أجنبيًّا، وأضافت «إنهم يسلكون طريق مارتن لوثر كينغ وغاندي». من جهته، رأى الخبير الأميركي انتوني كورديسمان انه لا يوجد في سوريا «انتفاضة حقيقية يتوجب دعمها»، واضاف الخبير أن سوريا «تملك آلة عسكرية تتمتع بقدرات كبيرة وليس مثل ليبيا حيث لا تعدو كونها واجهة»، وتابع أن تدخلًا أجنبيًّا في سوريا سيتطلب وسائل اكبر بكثير مع احتمال وقوع ضحايا مدنيين. واضاف أن معظم المعارضين السوريين يرفضون فكرة التدخل الغربي خوفا من أن يؤدي اضفاء طابع عسكري على مواجهتهم مع نظام الأسد إلى حرب أهلية بين مختلف المجموعات القومية والدينية في البلاد. وهي الذريعة التي ذكرها المعارض المنفي في الولاياتالمتحدة رضوان زيادة الذي قال «إذا كان هناك تدخل عسكري أو شحنات اسلحة فسيرتفع عدد القتلى كثيرًا». وفي ليبيا اعتمد الغربيون على دعم شامل من العالم العربي. والوضع على هذا الصعيد مختلف أيضًا. وقال شبلي تلحمي من جامعة ميريلاند أن «الرأي العام العربي والدول العربية تعارض تدخلًا عسكريًّا في سوريا». يبقى الوضع الاقليمي المضطرب إلى أبعد حد. فسوريا حليفة إيران وتتمتع بنفوذ كبير في لبنان حيث تدعم حزب الله. وعبر حزب الله اكتسبت في كل العالم العربي صورة القطب المقاوم لإسرائيل، والتدخل في سوريا يمكن أن يحرك كل هذه القوى ويؤدي إلى تفجير المنطقة بأكملها. ويقول تلحمي إنه من الصعب تصور «من يمكنه أن يفكر في تكرار التدخل» الذي نجح في ليبيا، في سوريا، إلا أنه قال أن «كل شىء يمكن أن يتغير (...) إذا وقعت مجازر على نطاق واسع ولا يمكن لأحد أن يوقفها».