الجرس الأول: وأخيراً تمت المرحلة الأولى من محاكمة «الحكومة المصرية السابقة» برئاسة الرئيس المخلوع «حسني مبارك»، هذه المحاكمة التي فعلت فعلتها لدى «الشعب المصري» خاصة أهالي الشهداء الذين سقطوا أثناء المظاهرات، والتي اعتبرها من وجهة نظري «امتصاص مقصود» للاعتصامات والتظاهرات الدائمة حتى يهدأ الجميع، وتلتفت الحكومة لتسيير شؤون البلاد وعلى رأسها طبعا قيادة الجيش المصري الحكيمة، والتي فضلت الانقلاب الأبيض على الرئيس وحزبه الحاكم على أن تنقلب الأمور إلى «حروب داخلية» لا تبقي ولا تذر، كما حدث في ليبيا واليمن وسوريا. نعم الجيش كان على درجة عالية من الحكمة، والحرص الوطني على حماية بلاده، ليس من الأعداء على الحدود البرية والبحرية والجوية فقط، بل إن حماية الوطن من الداخل كان بطولة نادرة نُهنّئه عليها، وليس كما يعتقد البعض أن مهام الجيوش محاربة الأعداء فقط، بل إن مهام الجيوش الوطنية الصادقة «محاربة النفس» إن أدى الأمر إلى ذلك، فلولا الله عز وجل ثم وقفة الجيش المصري مع المصلحة العامة لما تحققت هذه الثورة، ولظل الشعب المصري يعيش ضمن دائرة الحروب الداخلية العسكرية، لكن من فضل الله وكرمه أن قام الجيش بواجبه لعزل وتأديب من حارب الوطن والمواطن من الداخل في قوته وقوت عياله، فمحاربة الفساد والانقلاب على رموزه واجب وطني قام به الجيش كاملاً، وحمى بذلك الثورة الشعبية، وكان حليفاً قوياً وصادقاً للوطن والمواطن، وهذا بالطبع ما حدث، ولن ينكر هذا القول إلا مكابر، نعم ثورة الشعب المطحون كانت مؤثرة، نعم كان هناك ضحايا، نعم كان هناك شباب مقدام، لكن كل هذا كان سيظل يدور حول نفسه لو أن الجيش اختار الانحياز للحزب الحاكم، أو وقف محايداً، لكن من فضل الله عز وجل مرة أخرى بل ومرات، أن تحالف الجيش مع الثورة لإزالة حكومة أفسدت الحياة المصرية، ومن هذا المنطلق يجب أن نحيي الشرفاء «الجيش المصري» الذي قام بواجبه على أكمل وجه، ووقف ضد تجاوزات وزارة الداخلية، والحرس الجمهوري وقفة جادة وشجاعة وأعطى الضوء الأخضر للشباب ليعبروا عن احتجاجهم ومطالبهم، وها هي تتحقق في جو وطني صرف، لا تدخل لقوات الناتو، أو المحاكم الدولية، وهذه الخطوة أيضاً تحسب للجيش، والذي أعتبره من وجهة نظري «الأب الروحي للصورة المصرية الجديدة». الجرس الثاني: وأخيراً شاهدنا رموز الحكم المصري السابق في قفص الاتهام، في محكمة مدنية تُحاكِم مَن تَسبَّب في موت الأبرياء من الشباب المتظاهر، اللهم لا شمانة.. لكن الاعتبار مهم جداً، والتعلم من الدروس واجب على كل حاكم متغطرس، يضع أمام عينه مصالحه الشخصية على حساب مصالح وطنه ومواطنيه، هذه المحاكمة كانت وستظل «اسفنجة امتصاص» لغضب الملايين، لتؤكد لهم أن لا أحد فوق عقاب الله عز وجل ولن يفلت من العقاب كائناً من كان، فوجود رموز الحكم السابق داخل المحكمة أضفى على قاهرة المعز الكثير من الهدوء والراحة النفسية، والله وحده الذي يعلم إلى أن تسير هذه المحاكمة، والتي أعتقد ومن وجهة نظري الخاصة أنها لن تذهب بعيداً.. بمعنى سيخرج أصحاب «البزات البيضاء والساعات الثمينة والسحنات المرتاحة» كما تخرج الشعرة من العجينة، خاصة فيما يخص قتل الشهداء، أما بقية التهم من التضخم المالي والتكسب وغيرها فربما يُحاسب الفاعل عليها، ولابد أن يكون هناك كبش فداء يُقدَّم لدفع الثمن لاعتبارات كثيرة وتدخلات ووساطات كبرى.. نعم لن يتعدى الأمر أكثر من ذلك، وهذا طبيعي جداً في ظل النظام العالمي الجديد.. أما وزير الداخلية ومساعديه فلهم حسبة أخرى وطرق أخرى، وسوف تشاهدون في قادم الأيام ما سيحدث وهذا الاستشراف من واقع الحال العربي والعالمي، والأمثلة كثيرة وكثيرة جداً. الجرس الثالث: وأخيراً شاهدنا رموز الحكم المصري السابق في قفص الاتهام، إرضاء للرأي العام، وامتصاصاً لغضب الشارع المصري، وهذه كما أسلفت حكمة الجيش المصري، الذي أراد أن يُقلِّم أظافر الفساد والفاسدين، لبيده لا بيد الآخرين، مع أنه لم يظهر في الصورة، إلا بالرعاية فقط.. وسلم المتهمين لمحاكم مدنية تفعل ما تشاء تحت نظر وسمع العالم كله حتى يرضى الجميع «الرأي العام الدولي والداخلي»، لكن هناك نقطة هامة ألا وهي لو أن نظام التقاضي في مصر يقوم على دستورنا الإسلامي «الكتاب الكريم والسنة والنبوية المشرفة»، لما رأينا هذه المداخلات البيزنطية من قِبَل محامي الرموز السابقة، والذين هم من أكبر وأشطر وأشهر محامي مصر، ومن شاهد الجلسة الأولى يرى كم من الوقت قد أهدر، وهم يطالبون بضم هذا البند وحذف ذاك الملف... إلخ من المصطلحات، مما ذكرني بالمثل المصري «حب هان ومستكة»، وعندما أتى دور محاميّو الشهداء، لم يأخذوا فرصتهم كاملة، ولم يُجاب على طلباتهم الهلامية، والتي للأسف أغلبها ركزت على المطالبة بالتعويضات المالية، رغبة من هؤلاء المحامين التكسب من هذه التعويضات بل إن أحدهم شكك في أن الرئيس السابق حسني مبارك لازال حياً، وطالب بالحمض النووي... إلخ من المطالب. والذي أثار استغرابي أكثر عدم وجود وفد من نقابة المحامين المصريين للتطوع للترافع والمطالبة بحقوق الشعب المصري البشرية والمادية، بل إن كل من حضر للدفاع عن الشهداء كانوا من صغار المحامين، بعد أن تم حجز محامي ال VIP لل VIP طبعاً، فالذي سيدفع بالملايين ليس طبعاً كمن سيحصل على الملاليم، اللهم اختر لمصر حكماً عادلاً، وأصلح حالها، وحال سائر بلاد المسلمين في ليبيا وسوريا واليمن، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، اللهم احفظ علينا الأمن والأمان. خاتمة: التاريخ لا يكذب ولا يتجمّل..!!!
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (13) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain