كان يفترض أن يكون الحديث اليوم عن المطالبة براتب إضافي لشهر رمضان، أو مكافأة مقطوعة تعين ذوي الدخل المعدوم (أقصد المحدود وهو في واقعه كذلك) على المصاريف التي تنتج عن العيد وبدء العام الدراسي، وقد كفاني بعض الإخوة الكتّاب ذلك من أمثال الزميل عبدالله الجميلي في مقاله (راتب إضافي). فجاء مقال اليوم عن رد عجيب، لخبر غريب، من المتحدث الإعلامي لوزارة التربية والتعليم بنفي ماورد من كون عدد المعلمين غير السعوديين قد وصل إلى 27000 معلم ، ويؤكد أن العدد هو قرابة 3000 معلم، معظمهم في تخصص الرياضيات، وهذه - في تصوري- تعد طامة من الطوام التي لا زالت الوزارة تضرب عنها صفحا في الوقت الذي يؤكد الواقع بطأها الشديد في تلافي الأخطاء وتجاوز الهفوات، ولا سبيل لذلك إلا بالاعتراف بالواقع . وصدر هذا الأسبوع قرار آخر يقضي بحل الأمانة العامة للتربية التابعة للوزارة ونقل صلاحياتها لإدارات التعليم في المناطق، وقبل ذلك محاولة جادة لتقليص عدد إدارات التربية والتعليم بشكل مهول ...إلخ. إن المتأمل يجد أن الوزارة بعيدة عن التطلعات ، والطموح الذي يخالج نفس كل مواطن لكي يرتقي تعليمنا بخطوات متسارعة ويواكب ذلك تجهيزات راقية تضاهي أفضل المدارس الأهلية القائمة. غير أن الوزارة تصر على السير على نهج قديم، وترى في التنظير تطويرا، والأمر ينبغي أن يكون واقعا ملموسا بعيدا عن الأبحاث والاجتهادات النظرية - مع تقدير الجميع لمكانة تلك البحوث والاجتهادات- لكن التربية ميدان عملي ويفترض تطويره من الواقع. سبق لهذه الزاوية أن طالبت بتعيين الخريجين في المدارس الليلية، وبيان أن ذلك يوفر آلاف الوظائف ويقي شبابنا المعاناة التي يتكبدونها في المدارس الأهلية، ولكن بقي الحال على ماهو عليه، فلازالت الوزارة تكلّف من هم على رأس العمل، وكأنها عدمت الحيلة، ويتكبد المدرس معاناة أخرى، مع ملاحظة إن الذين يقبلون بالتدريس في المدارس الليلية إنما يفعلون ذلك لحاجتهم ليس إلا! مؤسف هو انتشار المدارس الأهلية الأجنبية بدون ضوابط، بل أكاد أجزم من خلال تجربتي الشخصية أن الوزارة لا تستطيع إغلاق مدرسة قائمة بلا تصريح أصلا، وقد هالني ما رأيت من شدة الذهول!، فكيف يمكن لمدرسة أن تفتح أبوابها بدون تصريح من الوزارة؟ ثم كيف يمكن أن تستمر بعد تذمّر الأهالي وإخطار الوزارة بذلك؟ ومن الواضح ان عدم إلزام المدارس الأهلية بضوابط لتعيين المعلمين والمعلمات بات ظاهرة، ولقد عايشت عن قرب معاناة لشخص انهي عقده دون إبداء أي سبب، بل على النقيض كان المعلم مثابرا في عمله متميزا في أدائه، وكانت تقاريره كلها ممتاز، والوزارة ليس لها أي يد في ذلك! وأخيرا فإن العاملين في الميدان التربوي لا زالوا يعانون من ضغوط وزارية ومجتمعية، ووصل ذلك إلى نتيجة مؤسفة، حيث أعلن المركز الوطني للقياس أن 57% من المعلمين لم يجتازوا الاختبار،وكان العدد نحو 3500 معلم، في مسألة يجب أن تقوم لها الوزارة ولا تقعد حتى يتم تعيين مواطن الخلل وينظر في إصلاحها، فركن من أركان التربية والتعليم أظهر ضعفه بل وفشله، وحاجته للتدريب والتأهيل، لكن شيئا لم يحدث! كل هذا – وبصرف النظر عن العدد الموجود في المدارس الأهلية من غير السعودين27000 أو 3000 وهل هم بحاجة لذلك أم لا، فإن المشكلة ستبقى قائمة ويتوقع استفحالها في حال بقيت الوزارة في بوتقة التنظير، بعيدة عن الواقع، فالتربية ميدان يحتاج لبذل المزيد من الجهد لكي نخرج جيلا يواكب مايتطلع إليه مجتمعه. فهل تغير الوزارة نهجها لنرتقي بتعليمنا؟ [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain