هل نحن بحاجة إلى افتعال فتن جديدة ، وكأن الفتن الطائفية والمذهبية والدينية التي عندنا لا تفي بالغرض ؟! أقول ذلك لأن المسلسل التلفزيوني الرمضاني (( الحسن والحسين ومعاوية )) لا يمكن التعامل معه خارج هذا الإطار ، أي إطار تأجيج الفتنة بين أهم عنصرين من مكونات الأمة : السنة والشيعة . المسلسل لن يرضي الطرفين معا ، وهذه حقيقة لا يمكن أن تغيب عن بال أي عاقل أو قارئ للتاريخ . فالسنة لديهم رؤيتهم وقراءتهم الخاصة للأحداث التي وقعت خلال تلك الفترة ، والشيعة يمتلكون وجهة نظر مختلفة عما اصطلح على تسميته بالفتنة الكبرى . المسلسل لن يستطيع تقريب وجهات النظر ، وسيتسبب في تجديد الجدل الطائفي الذي لن يؤدي إلا إلى تعميق الهوة وتأجيج الخلافات وسكب المزيد من الزيت على النار . المسألة لا تحتاج إلى ساحر لكي يتنبأ بالنتائج التي ستترتب على عرض عمل تلفزيوني كهذا ، كما أنها ليست بحاجة إلى عبقرية استثنائية للتكهن بما يمكن أن يحدث من أفعال وردود أفعال ستصب في خانة تعميق الخلافات بين أبناء الأمة الواحدة . إننا نمر بظرف تاريخي خطير جدا ، فالانتفاضات الشعبية تندلع في العديد من البلاد العربية ، والثورات التي نجحت في إسقاط أنظمة الحكم لم تستقر بعد ولم تتضح الوجهة التي ستذهب إليها . إضافة إلى ذلك فإن التربص الصهيوني بالبلاد العربية هو الآن في أعلى مستوياته ، ومحاولات الصهاينة لتأجيج الفتن الطائفية في بلادنا واستغلال الانتفاضات الشعبية وحالات الانفلات الأمني لتحويل البلاد العربية إلى ساحات للاقتتال الداخلي كما حدث ويحدث في العراق ، هو أمر واضح ولا يحتاج إلى أدلة .. فما الذي سنجنيه من تأجيج نار الفتنة التي يتمنى كل المخلصين من أبناء الأمة أن تظل نائمة ، وإلى الأبد ؟! إن أمتنا لم تصل بعد إلى مرحلة النضج اللازمة التي تمكنها من فتح ملفات التاريخ الحساسة بمعزل عن الرؤى الأيديولوجية . كما أن المرحلة التي نعيشها الآن تختلف بالكلية عن المرحلة التي تناول خلالها العقاد وطه حسين وغيرهما مرحلة الفتنة ، في ظل مناخ من الحرية الفكرية يصعب استعادته في الوقت الحالي . إنها فتنة متنكرة في زي مسلسل تلفزيوني . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain