نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/85 وتاريخ 26/11/1428ه تضمن في مواده الخمس والثمانين كافة المخالفات المرورية الشائعة والأقل حدوثًا والنادرة والصعبة الحدوث، ووفق قائمة من أربعة جداول ملحقة بالنظام المروري فإن أعلى قيمة للغرامات المالية تصل إلى 900 ريال مهما كان حجم المخالفة بما فيها قطع الإشارة التي تصل غرامتها في بعض الدول إلى ما يعادل 6000 ريال سعودي. ويوجد تباين كبير بين الدول في قيمة جزاءات المخالفات والتحايل على الأنظمة المرورية، ونحن لا نريد عقوبات أقوى لأجل المقارنة مع الآخرين، لكن التجاوزات الخطرة التي خلفت ضحايا أبرياء وإصابات مستديمة مرفوضة وتحتاج إلى ردع وصرامة. وهذه الجهود إن لم تكن مدعومة بعقوبات رادعة ومعززة برفض مجتمعي، لن تكون كافية لأن مجرد التفكير في التحايل على الأنظمة هو في حد ذاته خلل يجب أن يوضع له حد بقوة النظام، وأن تستأصل مثل تلك التجاوزات غير المقبولة. ولعل نظام «ساهر» ودوريات المرور، والمرور السري لها دور فاعل في إيقاف الكثير من المخالفات والتجاوزات والحوادث، فقد أوقفت عددًا من المركبات بدون لوحات أو القيام بإجراء تعديلات على المركبة تعيق من التعرف على لوحة المركبة أو إخفاء جزء من معالمها أو التلاعب في أرقام وأحرف تلك اللوحات بالتغيير أو الحذف، وتم التعامل مع تلك الحالات مروريًا بتسجيل مخالفة مرورية لا تزيد قيمتها عن تسعمائة ريال، وحجز المركبة حتى إزالة المخالفة. وفي دولة الإمارات مثلًا تصل غرامة ذلك إلى 25 ألف ريال سعودي ومصادرة السيارة، واحتجاز جواز السفر أثناء فترة انتظار النطق بالحكم، أما في حالة تعديلات في السيارة فغرامة ذلك تراوح بين 20 و25 ألف ريال. فالحوادث المرورية تتصدر قائمة أسباب الوفيات والإصابات الخطيرة في العالم وبشكل خاص بين الدول العربية التي أصبحت تعاني من آثار خسائرها الفادحة التي تشمل الآثار الاجتماعية والاقتصادية والصحية وأخرى تتعلق بالمشكلات المرورية والبيئة. وما تخلفه الحوادث المرورية من مآسٍ اجتماعية تمثل أيضًا تكاليف وأعباء من الناحية الاقتصادية؛ إذ أن تكلفتها على المستوى الوطني تبلغ 13 مليار ريال سنويًا، إضافة إلى أن الخسائر البشرية التي تخلفها الحوادث المرورية ترتبط عكسيًا بالنمو الحضري وتقدم المجتمعات، خاصة أن الغالبية العظمى من ضحايا الحوادث المرورية هم من فئة الشباب والعناصر المنتجة في المجتمع. نأمل من المجلس الأعلى للمرور وهو السلطة العليا المشرفة على شؤون المرور رسم السياسة العامة التي تحقق الأهداف المرجوة من النظام وآليته، ويحقق مملكة بلا حوادث ولا تجاوزات، كما نتطلع إلى إنشاء محاكم مرورية تنظر الدعاوى التي تقام ضد من يخالف هذا النظام، وتنظر الاعتراضات التي تقدم من يخالف أحكام هذا النظام ولوائحه،كما نطالب بتفعيل المادة التاسعة والأربعين، والتي تنص على السماح بإنشاء جمعيات أهلية لتوعية المواطنين، والحد من حوادث الطرق لتساهم في نشر الوعي المروري، وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح، كما ينبغي طبع النظام وآليته وتفسير نصوصه، وجعله في متناول الجميع، وبذلك نصل إلى قيادة مثالية واعية، وطرق بلا حوادث أو معوقات. وبالله التوفيق.