أعانَ اللهُ المُسْتَهلَكَةُ جيوبهم، فهذه السنة يجتمع فيها شهر رمضان الكريم وموسم الصيف، وهو ما أضحى فرصة مضاعفة لمَن تسوّل لهم أنفسهم التلاعب في أسعار السلع الاستهلاكية، والمساهمة في تضخم الاقتصاد في ظل وهن قوى الجمعية المخوّلة بحماية المُستَهلِك، والتي من الواضح أنها لا تصمد أمام الارتفاع المباغت للأسعار مع بداية مواسم «حصاد التجار». أعتقد أن الكثيرين خلال الأسبوعين الماضيين تابعوا الحرب الكلامية ما بين وزارة التجارة، وجمعية حماية المُستَهلِك، والتي تداولها إعلامنا المحلي بكل شفافية، وكان محور القضية هو معاناة المواطن، أو «المواطٍ» -بلهجة الكاتب الساخر محمد السحيمي- من الارتفاع المستمر للأسعار. إلاَّ أن القضية بين الطرفين أخذت منحى آخر مع «بيروقراطية» بعض بنود لوائح وزارة التجارة، والتي ارتأت تأجيل المصادقة على تعيين رئيس، ونائب رئيس لجمعية حماية المستهلك منذ شهر مارس الماضي، وذلك لأن الفقرة 1 من المادة 16 في نظام جمعية حماية المستهلك المقرة من قِبل وزارة التجارة والصناعة تنصُّ على أن يكون للجمعية رئيس، ونائب للرئيس «متفرغَين» للعمل. وعلى الرغم من أن الرئيس المنتخب لجمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم قدم إفادة بتفرّغه من جهة العمل الرسمية في جامعة الملك سعود، إلاَّ أن وكيل وزارة التجارة والصناعة المساعد لشؤون المستهلك صالح الخليل صرّح لجريدة المدينة في 23 يوليو الماضي بأنه على الرغم من أن رئيس الجمعية المنتخب قدّم ما يفيد بتفرّغه من جهة العمل، إلاّ أنه لم يقدم ما يفيد تفرّغه من جهات أخرى يشترك في عضويتها، وأنه يشترط على الرئيس ونائبه التفرّغ التام. وفي المقابل تتّهم جمعية حماية المستهلك وزارة التجارة بتعاطفها مع رجال الأعمال، والغرف التجارية، ووجّه رئيس الجمعية المنتخب الدكتور صالح التويم سؤالاً صريحًا للوزارة عن سبب رفضها المصادقة على تعيينه حتى يثبت ما يفيد تفرّغه التام قائلاً: «عبدالله زينل وزير التجارة والصناعة قد صادق على تعيين الدكتور ناصر آل تويم كنائب لرئيس الجمعية في دورتها السابقة بموجب القرار الوزاري رقم 14/23/33، وتاريخ 17/6/1429ه، وقد كان حينها يشغل تلك المناصب التطوعية، بل وزيادة، فلماذا يصادق الوزير ذلك الحين، ويرفض المصادقة حاليًّا»؟! حقيقة لا أعلم متى يُسدل الستار، وتنتهي هذه القضية، ولكن ما أعلمه أن أسعار «شامبوهات الشعر» زادت بشكل مفاجئ لتصل إلى 20% قبل حلول شهر رمضان بأسبوع، وارتفاع أسعار التمور إلى ثلاثة أضعاف أسعار العام الماضي بسبب إحجام التجار عن عرض الإنتاج كاملاً هذا الموسم، وادّخاره للموسم المقبل، وذلك بحسب ما أفادت به صحيفة (الشرق الأوسط) في 5 يوليو 2011، وأشارت صحيفة (المدينة) بأن أسعار المشروبات الرمضانية ازدادت بنسبة 5% مقارنة بالعام الماضي، وأشارت الصحف المحلية بأن أسعار السلع ارتفعت خلال هذا العام بنسبة 30% عن العام الماضي، ولم أغفل قفز أسعار الملابس الداخلية الرجالية مطلع العام الجاري بنسبة 50% بحسب الخبر الذي نشرته (المدينة) بتاريخ يوم الأحد 16 يناير 2011، وأسأل الله الستر لمَن لم يستطع توفيرها. وبخصوص استمرارية ارتفاع الأسعار، أشار عماد العريمي في جريدة القبس الكويتية، وهو باحث اقتصادي، بأن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية (التضخم) في منطقة الخليج ناجم عن النمو السكاني السريع، فضلاً عن ذلك ارتفاع أسعار المحروقات، وزيادة قيمة الخدمات الحكومية مثل الرسوم الجمركية، ورسوم الرخص التجارية، ورسوم أخرى ساعدت على ارتفاع الأسعار، وأن المتابع للأوضاع الحالية يجد أن ارتفاع الأسعار المتزايد يستدعي وضع آلية في موازنة السوق. ومن وجهة نظر شخصية، أعتقد بأن التضخم الاقتصادي، والتزايد المستمر في أسعار المواد الاستهلاكية في المملكة على وجه الخصوص قد لا يخضع لمعايير خبراء الاقتصاد، ويقف خلفه عوامل سلبية تشكّلت بسبب جشع بعض التجار ومؤامراتهم التي شهد لهم التاريخ بالعديد من المواقف المخزية، بالإضافة إلى عدم وجود مركز وطني لمراقبة الأسعار. وفي الماضي -قبل حوالى ثلاثة عقود ونيف- كان يتم التشهير بالتجار -كعقوبة- وتنشر باستمرار على الصفحات الأولى في الصحف المحلية، وعلى سبيل المثال، نشرت (المدينة) في يوم الأحد 20 صفر 1394ه عنوانًا تشهيريًّا على رأس الصفحة الثانية: «معاقبة 11 تاجرًا في الرياض لارتكابهم مخالفات تموينية»، وكان أحد المعاقبين بحسب ما جاء في الإعلان قد باع علبة جبنة الكرافت بسعر ريالين، أي بزيادة نصف ريال عن السعر المعروف في ذلك الوقت، وتاجر آخر شُهِّرَ به لأنه لم يضع ورقة تسعيرة على المنتجات. وفي الختام، الإنسان في طبيعته يحب الخير ولا يحب الشر.. الشيطان هو الذي يخدع الإنسان بفعل الشر بعد أن يزيّنه له بزينة الخير، وهنا يقول سبحانه وتعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).. (فاطر: 8). [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (89) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain