في فصل الصيف اعتدنا أن (تسيح) تصريحات بعض المسؤولين عن مشكلة تصريف مياه الأمطار والسيول خاصة في جدة، ومن المفارقات أن أمطارها لا تأتي إلا من العام للعام ولا تتكرر كثيرا في الموسم الواحد، ومع ذلك نالت جدة شهرة واسعة منذ عقود مع الأمطار بأنها (تغرق في شبر موية) حتى أصبح هذا المثل عنوانا لأوضاعها مع مطر كل شتاء، ولكن لماذا نتذكر في هذا الصيف أحداث الغرق في الشتاء ولا يزال أمامنا وقت طويل يقارب أشهر ستة على موسم المطر. السبب أننا حاليا على غير العادة ، لا نسمع أقوالا وإنما أفعالا متسارعة من خلال المشروعات الحالية العاجلة التي انطلقت، والمشروعات الدائمة وقد تمت تعاقداتها الاستشارية وبدأت دراساتها، وهي مراحل مهمة لم يسبق أن رأيناها بهذه الدرجة من الجدية بعد أن اعتدنا من القطاعات التنفيذية أن نسمع ضجيجا ولا نرى طحينا. لذلك علينا أن نتفاءل ونتابع هذا الجهد المخلص الذي يقوده صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير المنطقة رئيس اللجنة الفرعية لمعالجة مياه الأمطار وتصريف السيول وهو جهد مدعوم بقوة وبلا حدود من القيادة حتى لا يتعرض أبناء جدة لما تعرضوا له لسنوات، والسبب كان في غياب الحلول الكامنة في مبدأ (الوقاية خير من العلاج) بالمشاريع التي تطبق التوجيه النبوي (اعقلها وتوكل)، وفي الماضي كانت المعالجات وقتية وأقصاها خطة طوارئ عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال الأمطار والسيول، ونزول مسؤولي الأمانة والبلديات لبعض المواقع المهمة أو المنكوبة مصحوبين بسلامة الله ثم بمصورين وصحفيين لنقل جولاتهم وتوضيح تجشمهم المتاعب لساعات وسط الناس في معاناتهم ، ثم ينتهي شتاء وراء شتاء والحال على ماهو عليه ويتكرر نفس المشهد. الآن علينا أن ننظر لنصف الكوب المملوء والذي يتراجع فيه النصف الفارغ تباعا. هذا ما يجب أن نستجيب معه برؤية منصفة مقدرة حتى وإن اعتبرنا المشاريع أمرا واجبا كان يفترض أن تتحقق منذ زمن، فلنحمد الله على أن قطار العمل انطلق والمتابعة الحثيثة للواقع ، لعلاج هذا الملف الضخم والمتراكم بشأن مشاريع مياه الأمطار والسيول في جدة وما يمثله من أهمية وأولوية كبيرة لدى القيادة ، ولم يعد فيها عذر للتقصير وهذا ما شدد عليه ولاة الأمر حفظهم الله . أمير المنطقة أطلق مشاريع عاجلة لدرء ما قد يحدث من أخطار سيول محتملة لاسمح الله ، وتمت ترسية العقد ومدته نحو 6 أشهر لمعالجة أوضاع بعض الأحياء الشرقية بفتح قنوات تصريف فيها وربطها بالقنوات القائمة . والمشروع الآخر وهو الحل الدائم وتوقيع عقده مع الشركة العالمية، لعمل الدراسة وتقديم جميع الخدمات لإدارة المشروع والقيام بالأعمال الهندسية المبدئية التحضيرية والإشراف على تنفيذ الحلول العاجلة والدائمة. وقبل أسابيع قليلة اطلع سموه على ما تم إنجازه في مشروعي أم الخير والسامر، وكذلك مشروع صيانة شبكة التصريف الحالية من قبل أمانة جدة، كما اطلع على التقرير الأول الذي تقدمت به الشركة «استشاري المشروع» وكذا ما تم إنجازه في مشروع مركز إدارة الكوارث والأزمات في المنطقة، والتصور المبدئي لأهم الحلول الدائمة والتي سيتم العمل على تطويرها وتقديمها بشكلها الأخير نهاية شهر نوفمبر المقبل، لطرحها على الشركات للمنافسة على تنفيذها. هذا يؤكد أن الأمور ولله الحمد تسير على ما يرام والتوفيق منه سبحانه، كما أن جدة في عد تنازلي مستمر لمشاريع كثيرة في اتجاهاتها الأربع، وهي وإن بدت وكأنها تحت عملية قلب مفتوح ويعيش سكانها وزوارها في حالة مرورية استثنائية من الاختناق والارتباك، إلا أنها في الحقيقة تشهد حالة مخاض لمستقبل أكثر راحة في الحياة اليومية، والمستقبل دائما يحتاج إلى التعامل معه بالتخطيط. كما أن نجاح التخطيط يحتم استمراريته واقترانه بالتنفيذ وفق رؤية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى بالنسبة للمشاريع على ضوء تحديات الزيادة السكانية والتوسع العمراني وتزايد أعداد السيارات مما يدعو إلى استمرارية العمل بالخطة الاستراتيجية المستهدفة بجدة وتنفيذ مراحلها بدقة وتكييفها مع المتغيرات دون توقف ولا أن تتغير بتغير المسؤولين وتبدل مواقعهم في الأجهزة الحكومية، فالأفكار والحلول والإمكانات كفيلة بإذن الله بعلاج المشكلات طالما بقيت العزيمة والشفافية والإخلاص. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (58) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain