كان عند حكيم ولد وحيد وعدد من البنات رّباه فأحسن تربيته وأراد بعد تعليمه أن يزوجه بمن تستحقه ويطمئن على زواجه بها وحسن اختياره لها.. فترك له الحرية في اختيار زوجة المستقبل حتى لا يفرض عليه امرأة بعينها .. فاختار الشاب زوجته وبعد مرور أسبوع من الزواج أتفق الحكيم مع بناته على أن يطلبن من أخيهنّ أن يخرج إلى الشارع ويدفع جذع شجرة كبير.. فخرج الشاب وحاول لكنه لم يستطع دحرجتها أو حتى تحريكها .. وحسب اتفاق الحكيم مع بناته صرن يضحكن عليه ويسخرن منه.. وكانت الزوجة موجودة بينهن فما كان منها إلا المشاركة في الضحّك فكرر المحاولة وتكرر الضحك وشاركت فيه الزوجة..وما كان من الحكيم إلا أن أمر ابنه بطلاق زوجته فاستغرب الابن وسأل : لماذا يا أبي ؟..قال الحكيم إنها لا تصلح لك !! وبعد عدة أيام طلب الحكيم من ابنه أن يبحث عن زوجة ويركز هذه المرة على الدين والأصل والأخلاق.. فاستجاب الشاب لكنه قال: اختر لي أنت يا أبتاه من ترضاها، فاختار الحكيم زوجة صالحة وكرر طلب زحف جذع الشجرة منه ولما ضحك البنات على أخيهن عندما لم يستطع تحريك الجذع أو دفّه كان موقف الزوجة هنا مختلفاً إذ صاحت بأعلى صوتها.. كفى.. كفاكن ضحكاً وشماتة..حرام عليكن ونادت على (الحكيم) ليساعدها ولم تنتظر بل ركضت مسرعة وأخذت تساعد زوجها في زحف الجذع فتدحرج فلما عادا إلى البيت فرح الحكيم وبارك لهما الزواج وقال لابنه: يا بني هذه هي الزوجة التي تناسبك فهي تغار عليك ولا تشمت فيك بل هي لا ترضى عليك التطاول أو الضيم..، والدنيا مثل جذع الشجرة لابد فيها من شريكة أمينة مخلصة تتقي الله لتساعدك على مواجهة مصاعب الحياة) وفي القصة أكثر من عبرة لكن الشاهد فيها هو ما أردت الشاب- الذي وجه لي سؤالاً بالبريد الالكتروني عن أسلوب اختيار الزوجة- أن ينتبه إليه..كما أذكر له قصة أخرى لسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما زوّج ابنه إسماعيل عليهما السلام من إحدى بنات قبيلة(جرهم) وكان اسمها (عمارة) جاء سيدنا إبراهيم عليه السلام لزيارة ابنه وقد كان غائباً خارجاً للصيد فما أن وصل الدار حتى طرق الباب فخرجت له الزوجة عمارة فسألها سيدنا إبراهيم : من تكونين؟ قالت زوجة إسماعيل فقال لها: وأين زوجك؟ قالت خرج يتصيد ما نعيش به ثم قال : وكيف حالكما وحال معاشكما؟ قالت: إننا في شرّ حال..فقراء..ونعيش في ضيق وشدة فقال سيدنا إبراهيم: إذا ما جاء زوجك فاقرئيه السلام وقولي له :(غَيّرْ عتبة بابك) ولما جاء سيدنا إسماعيل أبلغته أن رجلاً عجوزاً جاء وسأل عنه وقالت ما قال وقالت ..فعرف سيدنا إسماعيل أن أباه سيدنا إبراهيم عليهما السلام غير راضٍ عن زوجته فقال لها اذهبي إلى أهلك وطّلقها. ثم تزوج بأخرى من (جرهم) أيضاً ولم يمض وقت طويل حتى جاء سيدنا إبراهيم لزيارة ابنه فلم يجده وطرق الباب وسأل زوجته وكان اسمها (مضاض) سألها عن الحال والأحوال مثل ما فعل من قبل مع الزوجة الأولى فقالت نحن بخير وفي سعة من الرزق وكمال الصحة والحمد لله ..قال لها وما طعامكم؟ وما شرابكم؟ قالت طعامنا اللحم، وشرابنا الماء..فقال لها سيدنا إبراهيم إذا ما جاء زوجك فاقرئيه السلام ومُريه أن يثّبت عتبة بابه.. ولما جاء سيدنا إسماعيل عليه السلام أخبرته بما صار وما قال العجوز..ففرح سيدنا إسماعيل وسرّ سروراً عظيماً ورضي عن زوجته فقد كان حريصاً على رضاء والده سيدنا إبراهيم عليهما السلام وهكذا تكون الزوجة الصالحة التي تحفظ حق وسر وحال بيتها وزوجها وأبنائها ولا تفشى لأحد بما يكدّر خاطره وخاطرهم أو يسيء إليه وإليهم..فانظر ابني الشاب إلى القصتين واظفر بذات الدين والأخلاق والشهامة والصدق والأمانة فهي صفات الزوجة التي تربح بها في دنياك وأخرتك لأنها تعينك وتحفظك في مالك وأبنائك وسرّك وبيتك.. فالزوجة الصالحة ذات الخلق تعي جيداً حديث أنس بن مالك قال:قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها) رواه الإمام أحمد-وفي رواية( والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس با لقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه) وقال عليه السلام (ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء ؟ : المرأة الصالحة ، إذا نظر إليها سرته ، وإذا غاب عنها حفظته ، وإذا أمرها أطاعته) (وفي رواية إبن ماجه) (وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) .فالمرأة الكيسّة الفطنة هي التي تعظّم ما عظّم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم..، فالشارع الحكيم ذهب حتى إلى أنها لا تنفق من مالها إلا بإذنه ناهيك عن ماله وحقه .. قال عليه السلام(ليس للمرأة أن تنتهك من مالها إلا بإذن زوجها) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه) رواه البخاري حتى أن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من حق الزوج منع زوجته من عيادة أبويها وشهود جنازتهما وقال طاعة زوجها أوجب عليها من أهلها إلا أن يأذن لها الزوج ويستشهدون بما جاء في قصة الأفك فقد ورد في الصحيحين قول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم (أتأذن لي أن أتي أبوي)..، وليس ثمة ما يقال بعد ما ذكرت وعلى الشاب السائل وغيره أن يختار زوجة للدنيا وللآخرة تعينه على الحق وتدافع عنه وتحفظه في ماله وأسراره وعياله .. ولا تخونه في شيء من ذلك .. وما ذكرته فيه فائدة للبنات والنساء حتى يتعظن ويعرفن حق الزوج المغلظ. دوحة الشعر.... وإن تزوجت فكن حاذقاً واسأل عن الغصن وعن منبته واسأل عن الصهر وأحواله من جيرة وذي قربته [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain