قال الضَمِير المُتَكَلّم : ( مواطن ماااا ) ، أصبح مريضاً ب ( مَااااء ) ، فلا يسمع في بيته الشعبي المتواضع الكهل إلا ترديد ( مَااااء ) ، فالغُنَيمَات التي يُربيها في الجوار بحثاً عن لقمة عيشِ منها ، أو جرعة حليب لفراخه ؛ أصبحت تصرخ في وجهه صباح مساء (مَااااء ) ؛ فهي تتضور جوعاً ؛ والشعير احتكره المرتزقة ، والتهمه الغلاء !! ينظر إليها بحسرة ، ثم يدخل على زوجه التي تستقبله مسرعة عند الباب رافعة صوتها ( مَااااء ) ، لقد انقطع منذ الصباح عَنّا المَااااء !!! يصرخ في وجهها ؛ ( أَعْلَم ) ولكن ماذا أفعل ؟! لقد اتصلت بهم ؛ فقالوا : الآن ( لا مَااااء ) ، فدورك ربما يأتي بعد يومين عند المسااااء !! يترك زوجته التي تلاحقه بحروف ( مَااااء )، باحِثَاً عن أطفاله ، وَهَاهو يسمع ابنته الصغيرة (لميااااء ) ، تبكي ب ( مَااااء ) ؛ فقد أصابتها العدوى من ( الغُنَيْمَات ) ، لتنطق عِوَضاً عن ( وااااء ) ب ( مَااااء ) !! ينادي زوجته لماذا تبكي ( لميااااء ) ، فتجيبه لقد انتهى ( حليبها ) ، ولم تترك لي نقوداً ؛ أنت سبب كل هذا الشقاء !! ينظر في محفظته ، في جيبه ؛ فإذا هما خاويان إلا من الهواء ، ويَتَفوّهان أيضاً ب ( مَااااء ) !! حبس دمعة كادت تسقط من عينيه ، أحرقت مقلتيه إنها تريد الخروج وتصرخ ( مَااااء ) !! حاول أن يتماسك أمام زوجه وفِراخه ، زاعماً أنه يريد النوم ، تركهم ، دخل غرفته استلقى على الأرض ،وفي خلوته سمح لدموعه بالنزول فامتلأ وجهه ب(المَااااء)، فَكّر وفكّر ، حتى استسلم للنوم وهو يُفَكّر ، وأصابته حالة من الإغمااااء !! دقائق فإذا زوجته تستغيث ( مَااااء ، مَااااء ) ، لقد أمطرت بغزارة السماء ، انهض ، أنقذ أطفالنا ، بيتنا يغرق، انهض ما هذا التبلد والغباء !!!! استيقظ من نومه فَزِعاً ، نظر حوله ، لا شيء ، الحمد لله إنه فقط كابوس ما وقع له حقيقة العام الماضي بداية فصْل الشتاء !! قرّر الهروب ، وعند خروجه ذكرته ( الحَيَزبون زوجته) لا تنسَ نحتاج ( مَااااء ) ، أغلق الباب وراءه ؛ فإذا صاحب البيت يُذَكِّرُه : ادفع الإيجار ، و لا تنسَ كذلك فاتورة ( المَااااء ) !! وَعَدَه ، ثم اقترب من سيارته العجوز المتهالكة ، فتح الباب ، خُيّل إليه أنها تقول : ( مَااااء ) ؛ لأنها تفتقد (الزّيت ) منذ أشهر ، بسبب ( الغلااااء ) !! انطلق بها ، وما هي إلا دقائق حتى اصطاده (سَاهِر) ، فضحك حزناً مردّداً ( مَااااء ، مَااااء ) !! أعزائي القراء ( مَااااء ) ، آسِف ، أقصد إلى اللقاء ، ألقاكم بخير ، والضمائر متكلمة . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (3) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain