ألم تلاحظ معي أخي القارئ أنه في عصرنا الحالي أخذت تتسابق فيه الاحداث، وتتفنن فيه المصائب، وتتعقد المشكلات، حيث انتشرت كثير من الآفات ولعل أكثر آفة أخذت في الانتشار هي آفة السرقة والاختلاس التي لم تسلم منها اكبر المؤسسات واطهر البقاع. ففي المدارس والجامعات تسمع عن سرقة الحقائب والكتب والجوالات والمكافآت وفي بعض الدوائر الحكومية يهولك حجم الاختلاسات التي تثبتها فشل كثير من المشاريع وموتها قبل ولادتها لنقصٍ أصاب ميزانية المشروع مِن من؟ وكيف؟ الله أعلم حتى المشاعر المقدسة لم يسلم حديدها من السرقة والاختلاس جهاراً نهاراً. وداء السرقة داء قديم قدم الانسان نفسه، لكن لما جاء الاسلام وضع له حدوداً وعقوبات رادعة، فإذا ما ثبت على الجاني جرم السرقة فإنه يقام عليه حد قطع اليد هذا الحد الذي يرى فيه أعداء الإسلام وحشية وبعداً عن الإنسانية، في حين أنهم لا يأنفون من التعذيب بالصعق الكهربائي، ويرون فيه رحمة للجاني. إن إنسانيتهم المزعومة تنظر بعين الرحمة للمجرم، وبعين الإهمال للمجني عليه الذي قد كد وتعب وأفنى عمره في جمع ذلك المال الذي اختطفه الجاني في لحظات، ذاك المال الذي قد يكون فيه إنقاذ لأسرة، أو لمريض يشارف على الموت. والذي جعلني افتح ملف هذه القضية ما لمسته من انتشار السرقات بشكل غير مسبوق، يحتاج إلى دراسة جادة من مؤسسات المجتمع جميعها والإسراع بمعرفة الأسباب ووضع الحلول. والأعجب أن تنتشر بشكل واضح ومثير للاستغراب في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم فكثير من معارفي وممن حولي تعرضوا للسرقة، حتى خلت أنه ما من بيت إلا وقد تعرض لعبث السارقين، الذين ينتهزون أوقات الإجازات لممارسة نشاطهم الآثم. وكاتبة هذه السطور ممن تعرضت للسرقة في الشهور الماضية ووقتها سمعت عن قصص السرقات ومن أسر أعرفها، وهي ليست قصصاً لمجهولين، فهالني حجم المشكلة. لكن الذي استوقفني وأثار استغرابي، أن بعضهم روى أن السارق من نفس الحي، ومن أبناء الجيران، وهم شباب في مقتبل العمر يشكون من البطالة هنا تذكرت تلك الجيرة التي كان يخاف فيها الجار على جاره في حضوره وغيابه.. لماذا هذا التحول عن المعاني الجميلة للجيرة؟ ما أسبابه؟ ما طرق علاجه؟ وعلى الرغم من تحسري على العبث بمبادئ وقيم الجيرة، فإن هناك أمراً أشد حسرة وألماً، وأعظم خطورة ولعله هو السبب في انتشار السرقة ويتمثل في أن ذاك السارق الجاني من أبناء الجيران بعد القبض عليه، يرى حراً طليقاً بعد عدة أيام؟؟ فهل يعقل أن تكون للوساطة دور، أو للقبلية يد في إطلاق سراح أمثال هؤلاء بحجة عدم اكتمال الأدلة؟ أو بحجة الرأفة بأم السارق أو أبيه؟ أو شفقة بالجاني إذا كان أنثى؟ إذا كانت مثل هذه الروايات صحيحة، فإنها لا شك هي السبب الرئيس في تفشي تلك الآفة وأن من أخطر ما سمعته أن السارق لم يعد يكتفي بأخذ المسروقات، يتفنن في إثارة الرعب والخوف والإرهاب في قلوب الآمنين من تحطيم الآثاث، وتشويه الجدار، وتكسير كل ما يقع تحت يديه، إضافة إلى كتابة عبارات تنم عن الحقد الدفين والكره الشديد للفرد والمجتمع. ألم يسمع هؤلاء بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده) متفق عليه، فكيف بمن يسرق الأموال الطائلة ويروَّع الآمنين؟ ومن منا لم يسمع بقوله صلى الله عليه وسلم:(وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) صحيح مسلم. ألم يسمع هؤلاء بحرمة المدينةالمنورة وعظيم جرم من أحدث فيها أو آوى محدثاً، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:(من أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؟ قال عاصم فأخبرني موسى بن أنس أنه قال أو آوى محدثاً ) صحيح البخاري. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (49) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain