رغم أن الحياة بدأت تدب فيها بعد انضمام فيلمي «المركب» و«حاوي» إلى مجموعة الأفلام حديثة الإنتاج، إلا أن صناعة السينما في مصر ومنذ 25 يناير تشهد حالة من الركود بعد أن ساد جو من القلق على المنتجين، وتراجعت الاستثمارات الوطنية، وهربت استثمارات أجنبية، وتعنّت الممثلون، ولم يستجب أغلبهم لخفض أجورهم الفلكية مما أدى إلى حدوث فجوة إنتاج ربما تعصف بالسينما المصرية لسنوات مقبلة. ويبرهن المشهد السينمائي على أن هناك حالة من الاضطراب الفكري تسود صناعة السينما للأزمة المالية حاليًا، وتحتاج صناعة السينما في مصر -مثل كل الصناعات- إلى دعم قوي لدفعها إلى تحقيق فكر، وابتكار وأداء قوي من أجل النهوض بها، لكن في مصر تعاني صناعة السينما من نظام البيروقراطية العمياء لتتفرّق دماؤها بين جهات عدة لا تستطيع اتخاذ قرار لإعادة إحيائها. تأسيس شركة مساهمة وطالب الدكتور محمد العدل (المنتج الفني وصاحب إحدى شركات الإنتاج السينمائي) بضرورة تأسيس شركة مساهمة للإنتاج يشارك فيها كافة العاملين بصناعة السينما مع تحديد -فيما بعد- أسهم لها في البورصة؛ نظرًا إلى أن هذه الصناعة من المفترض كغيرها من الصناعات أن لا تكون حكرًا على أحد أو على أفراد بعينهم، مشيرًا إلى أنها أصبحت خلال السنوات الماضية حكرًا على بعض العائلات ومنها عائلة العدل جروب. وأكد على أهمية وجود هذا الكيان من خلال ندوة «السينما بعد الثورة مشكلة لها حل» والتي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الثانية لمعرض الإعلام الدولي. وأضاف العدل أن هذه الشركة المساهمة تعد الكيان الثالث الذي من المقرر له النهوض بصناعة السينما، والقضاء على الاحتكار الذي أصابها هي وكافة الصناعات الأخرى بمصر. كما طالب العدل بإنشاء اتحاد للمنتجين؛ نظرًا إلى أن غرفة صناعة السينما لا يوجد بها لائحة ولا قانون يحكم العلاقة بين السينمائيين، وأصبحت الغرفة عاجزة عن وضع أي حلول لمشاكل هذه الصناعة، ويكفى أنها لم تقم بأي إنتاج منذ ما يقرب من أربعين عامًا، وذلك بسبب تضارب المصالح بداخلها وعجزها عن تنظيم العلاقة بين صنّاع السينما لتطويرها والنهوض بكافة العاملين بها والذين يصل عددهم إلى 400 ألف عامل بالإضافة إلى أسرهم، ويصل عددهم بهم إلى مليون ونصف فرد وهو ما يتطلب الوقوف على المشاكل وإيجاد حلول لها. محاربة النظام السابق من جانبه أكد المخرج خالد يوسف أن صناعة السينما في مصر تمر بأزمة كبيرة نتجت عن محاربة النظام السابق لها باعتبار أن السينمائيين لا يتلقون توجيهات من أي مسؤول؛ وبالتالي فإن ثورة يناير فتحت المجال بأن نحلم كمصريين بمشروع نهضوي للأمة، والذي لن يكتمل إلا بتطوير الفنون والآداب والسينما. وأشار يوسف إلى أن السينما في العالم بدأ تاريخها منذ 100 عام، وكذلك السينما المصرية بدأت منذ نفس الفترة، وهو ما يؤكد أن السينما المصرية رائدة في هذا المجال، وأنها كانت ثالث دولة في العالم في إنتاج هذه الصناعة، أما الآن وفي ظل المشاكل التي تحاصرها، ومن أهمها التمويل وإغلاق الأسواق المتاحة أمامها داخل الدول العربية وخارجها. لجنة للتعامل بشفافية المنتج حسين القلا يرى أن مشاكل الصناعة لا تتمثّل في الإنتاج بقدر ما تتمثّل في عدم وجود كيان واحد لها، وأصبح وجودها مشتّتًا ما بين وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما والمجلس القومي للسينما والإعلام، وهو ما يؤدى إلى تضارب المصالح، هذا بالإضافة إلى الاحتكار الذي سيطر على كافة القطاعات بها، حيث لا يمكن أن يقتصر عملها على التوزيع والإنتاج ودور العرض فقط مع إهمال كافة القطاعات الأخرى أو تجاهلها، وهو ما يتطلب تشكيل لجنة من كافة الأطراف السينمائية للتعامل بشفافية من حيث الإشراف على الإيرادات ودور العرض وفتح المجال للمنتج الصغير وتشجيعه. مجلس جديد المخرج السينمائي مجدي أحمد علي طالب بإعادة انتخاب مجلس غرفة صناعة السينما لأنه مجلس فاشل -على حد قوله- وغير قادر على النهوض بالصناعة. وكذلك طالب المخرج محمد خان بالاهتمام بالمنتج الصغير لما له من دور كبير في تطوير الصناعة ولذلك يجب احتضانه من الكيانات الكبرى دون استغلاله. أما المنتج طارق العريان فأكد على أن صناعة السينما تتطلب وضع دستور جديد لها، وذلك لما تعانيه من العشوائية. وطالب الفنان محمود حميدة بتشريع قانوني لصناعة السينما، مؤكدًا على أهمية إنشاء اتحاد للمنتجين.