• يوم الاثنين الماضي، اختار البرلمان التركي الجديد، السيد جميل جيجك CemilCicek رئيسًا له. وكان السيد جيجك يشغل في الحكومة التركية السابقة منصب نائب رئيس الوزراء. اللافت في هذا الاختيار ليس شخصية السيد جيجك التي تتسم بالهدوء، والخبرة السياسية، والقبول من الكتل السياسية التركية، بل انتماؤه إلى حزب العدالة والتنمية، ذي التوجهات الإسلامية، وهذا يعني أنه، وللمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية الحديثة منذ تأسيسها على يد كمال أتاتورك في عام 1923م، يسيطر على المراكز الثلاثة الكبرى في الدولة سياسيون ينتمون إلى حزب إسلامي. • فالسلطة السياسية الممثلة في رئيس الجمهورية يشغلها السيد عبدالله جول، والسلطة التنفيذية يرأسها السيد رجب طيب أردوغان، والسلطة التشريعية يرأسها السيد جميل جيجك، وجميعهم ينتمون لحزب العدالة والتنمية، وهو ما لم يكن يخطر أبدًا في ذهن أي مراقب سياسي، أو متخصص أكاديمي، أو خبير بالشؤون التركية. فالدولة التركية بُنيت على أساس علماني بحت، تحوّل مع الزمن إلى (قداسة)، انتهاكها يعني السجن، والنفي، والقضاء الكلي على مستقبل السياسي، أو المفكر. وهذا يدفع إلى التساؤل: كيف تمكّن حزب العدالة والتنمية من الوصول إلى هذه المستويات الرفيعة من النفوذ السياسي، والتشريعي، بينما فشلت من قبل أحزاب ذات توجهات إسلامية أدّى إلى إعدام قادتها، كما حصل مع عدنان مندريس في الستينيات الميلادية الماضية. • في مقال للكاتب التركي مراد يتكين في جريدة «حريت ديلي نيوز» ذات التوجهات العلمانية، نُشر بتاريخ 1/7/2011م يقول «أن نتائج السياسات الاقتصادية التي اتّبعتها حكومة السيد رجب طيب أردوغان، والتي يقودها وزير الاقتصاد السيد علي باباجان وضحت ثمارها في جعل تركيا أسرع دولة نمو اقتصادي في العالم، وبالتالي حصل أردوغان وحزبه على نسبة 50% من أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة». • الإصلاحات الاقتصادية التي قادتها حكومة أردوغان حوّلت تركيا من أعلى دولة في العالم في نسبة التضخم، بما يعادل 1000%، ومن دولة مكبّلة بالديون إلى حد الإفلاس، ومن سجل سيئ جدًّا في مجال حقوق الإنسان، ومن دولة ينتشر فيها الفساد المالي بنسب مخيفة، إلى دولة وصلت في نسبة نموّها الاقتصادي في الربع الأول من العام الميلادي الحالي إلى 11%، محتلةً المركز الأول، متفوّقةً في ذلك على الصين 9.7%، وسنغافورة 8.3%، والهند 7.8%، والسويد 6.4%. • تركيا التي كانت إلى ما قبل عشر سنوات ماضية تعاني في كل مفاصلها، بما جعلها أنموذجًا للفساد السياسي، والإداري، والاقتصادي، والمالي، والإنساني، تعود اليوم إلى واجهة الدول الأعلى نموًّا، والأكثر حركةً ونشاطًا على كل المستويات الداخلية، والإقليمية، والقارية، والعالمية. ففي الداخل انتعش المجتمع التركي، وعادت له الروح مرة أخرى. وإقليميًّا أصبحت تركيا رقمًا سياسيًّا مهمًّا في إقليم الشرق الأوسط، وقوة لا يُستهان بها. وقاريًّا يجد الأوروبيون أنفسهم في الزاوية، وحالة حرج شديد أمام التحوّلات التركية؛ لرفضهم انضمام تركيا إلى منظمة الاتحاد الأوروبي، بينما الاتحاد نفسه يعاني من ضعف اقتصاد بعض أعضائه، كما في اليونان، وأسبانيا. ودوليًّا أصبحت تركيا بالفعل جسرًا مهمًّا بين الشرق والغرب، فهي الدولة الإسلامية الوحيدة القادرة على التواصل مع كل الأطراف السياسية الدولية، بما يجعلها طرفًا مقبولاً لحل النزاعات والصراعات المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط. وهذا كله في يقيني المتواضع أنموذج يستحق الدراسة، ويستحق الاقتداء. فاكس 6718388- جدة [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (10) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain