احتضان الشقيقة مملكة البحرين لحوار التوافق الوطني الذي انطلق أمس بمبادرة الملك حمد بن عيسى آل ثاني بمشاركة أكثر من 300 مواطن بحريني يمثلون مختلف الجمعيات السياسية والحقوقية والاقتصادية، هذا الحدث الوطني البارز يعكس توجهًا صادقًا للقيادة البحرينية لإخراج البلاد من الأزمة التي ألمت بها منذ فبراير الماضي وإعادة إطلاق عملية الإصلاحات السياسية. أهمية هذا الحوار في تزامنه مع تعهد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بتشكيل لجنة تقصي حقائق تضم خبراء دوليين للتحقيق في الأحداث التي تسببت في مقتل شخصين أثناء المظاهرات، وتعبير جلالته عن أسفه الشديد لسقوط قتلى. وهو ما يدعو إلى التفاؤل بأن يؤدي الحوار الوطني بين أطياف الشعب البحريني إلى تعزيز الوحدة الوطنية والتوافق حول الأهداف الوطنية التي تصون عروبة مملكة البحرين واستقلالها وسلمها الأهلي، حيث يفترض أن تتواصل جلسات الحوار، ثم يتم رفع تقرير بشأنها إلى الملك الذي سيقرر طبيعة الإصلاحات المتوجب إجراؤها، وهو ما يدفع إلى التفاؤل بأن هذا الحوار ستتحقق له عوامل النجاح بإذن الله طالما سبقت انطلاقته تلك البادرة الطيبة التي أكدت حرص ملك البحرين على سلامة الوطن والمواطن وإقرار دولة القانون والإصلاح والتوافق. بيد أن هذا النجاح سيظل مرهونًا بمدى تمسك الشعب البحريني بالثوابت الوطنية التي يأتي في مقدمتها التمسك بالانتماء العروبي والإسلامي للبحرين وبشرعية النظام الحاكم باعتباره صمام الأمان لجميع من يستظل به، والمحافظة على السلم الأهلي، ومحاربة كل من يسعى لإيقاع الفتنة، والعمل على مكافحة الفساد المالي والإداري ووضع الضوابط التي تحول دون التجاوزات التي تلحق الضرر بالانطلاقة التنموية للبحرين، ونبذ الطائفية وتعزيز مفهوم المواطنة والموالاة للوطن بعيدًا عن الانتماء الحزبي والطائفي، وعدم إعطاء الفرصة للقوى الخارجية للتدخل في شؤون البحرين، وزرع بذور الفتنة بين أطياف الشعب البحريني. هناك بلا شك مسؤولية كبيرة مناطة بالمشاركين في الحوار تتطلب توفير عوامل النجاح لهذا التجمع الوطني الذي تعتبر مهمته الأساس وأد الفتنة العمياء في مهدها، ورسم خريطة طريق للمستقبل الذي يحمل بشائر الخير للبحرين وللشعب البحريني بكافة أطيافه، وعدم السماح لأي كان العبث بأمن ووحدة ومكتسبات هذا البلد الخليجي الشقيق.