أكد الدكتور خالد عمر الرديعان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود أن حالات الطلاق في السنوات الأخيرة انتشرت بشكل يبعث على القلق، ولا سيما أن للطلاق عواقب غير محمودة على المستويين الفردي والاجتماعي، كما ان الطلاق الذي يسبق الزفاف، الذي يقع بعد عقد القران دون أن يكون الزوج قد دخل بزوجته أو عاشرها، أو انتقلت معه إلى بيت الزوجية. ومع شيوع اعتقاد بأن حالات طلاق كهذا قليلة ونادرة، إلا إن من يقم بزيارة إلى محاكم الأنكحة سيفاجأ بعدد حالات الطلاق المبكر التي يتعامل معها القضاة بشكل شبه يومي، مما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان الأمر ظاهرة تستحق الدراسة أم أنها حالات فردية ومحدودة تحدث هنا وهناك ومن ثم لا يوجد ما يبعث على القلق بشأنها. والحقيقة أن جميع حالات الطلاق يتم إدراجها في إحصاءات المحاكم ووزارة العدل «كطلاق» دون تصنيف لنمط الطلاق، ومتى وكيف وقع، وما إذا كان مبكرا، وهل حدثت معاشرة بين الزوجين أم لا. يتم في الغالب كتابة «بكر» في وثيقة الطلاق (الصك) لوصف الفتاة التي طلقها شريكها قبل الدخول بها (على افتراض انها لم تتزوج رجلا قبله وانها لاتزال تحتفظ بعذريتها). وعادة فإن القاضي يتحقق من أمر البكارة بسؤال الطرفين حول ما إذا كانت المعاشرة الجنسية قد وقعت بينهما أم لا، إذ ليس هناك ما يمكن فعله أكثر من ذلك. ومن باب إعطاء الطرفين فرصة للتراجع عن قرار الطلاق فإن معظم القضاة -بشكل عام- يتمهلون في فض قضايا الطلاق بما فيها الطلاق المبكر، ويحددون جلسة لاحقة تعقد بعد عدة أيام لمنح راغب الطلاق فرصة للتراجع عن قراره، وكثير منهم يسدون النصح إلى طالبي الطلاق بهدف ثنيهم عنه إذا كان لديهم أبناء أو إن الطلاق يترتب عليه تبعات تحتاج إلى تدخل المحكمة مرة أخرى كقضايا النفقة وحضانة الأطفال. هذه الأمور لا يؤخذ بها دائما في قضايا الطلاق المبكر الذي يسبق الدخول بالزوجة لانتفاء الحاجة إليها، ومن ثم يتم التعجيل بالطلاق خلال جلسة واحدة وربما جلستين. ويشير الدكتور الرديعان الى ان طلاق ما قبل الزفاف هو الطلاق الذي يقع بعد إتمام عقد القران وقبل الدخول بالزوجة، تمييزا له عن الطلاق المبكر الذي يأتي بعد الدخول بالزوجة. وقد لوحظ أن هذا النمط من الطلاق يقع بين أوساط الشباب بشكل عام، إلا أن عدم توفر بيانات إحصائية حول حجمه، وعدم تنميط حالات الطلاق في إحصاءات المحاكم يجعلنا نحجم عن القطع بعدم وقوعه لدى فئات العمر الأكبر سنا، كما أن بعض الأسر تلجأ إلى الإسراع بعقد قران الشاب والفتاة دون أن يكونا قد تعارفا بدرجة كافية، وذلك لأسباب مبررة اجتماعيا؛ منها رفع الحرج عن أهل الفتاة عند زيارة الشاب أهل زوجته، ولتمكينه من الحديث اليها في بيئة اجتماعية محافظة لا تسمح باختلاط الشاب والفتاة قبل عقد قرانهما. يصبح عقد القران والحال كذلك مظلة شرعية، فالشاب وطبقا للفقه السائد يصبح زوجا شرعيا للفتاة دون أن يعني ذلك بالضرورة دخوله بها، فذلك أمر يتم تأجيله حتى موعد آخر يسمى «ليلة الزفاف» التي يفصلها عن ليلة عقد القران في الغالب أيام أو أسابيع، وربما بضعة أشهر وأحيانا فترات أطول من ذلك. ويرى البعض ان عقد القران بهذه السرعة يجنب الطرفين (الشاب والفتاة) المحظورات الدينية «كالخلوة غير الشرعية» التي ربما وقعت عندما لا يكونان قد عقدا قرانهما حتى وان توافرت نية الزواج، وتحدثت أسرتاهما بموضوع زواجهما وحصل القبول.