كانت ليلة حالمة مساء يوم الاثنين الماضي حينما قدمت فيها فرقة «كيف» للفنون المسرحية العرض الأول لمسرحيتها الجديدة «البرمائي» على مسرح المكتبة العامة بجدة. فعلى أنغام أغنية الراحل الكبير طلال مداح «أنا راجع أشوفك» انطلقت مسرحية «البرمائي» طارحةً الكثير من القضايا الاجتماعية على المستوى المحلي، بل وعلى المستوى العربي، عبر برنامج إذاعي حواري جمع مذيع (أدى دوره مخرج المسرحية ياسر مدخلي) واستضاف فيه «أبو شلاخ البرمائي»، وهي مشهد روائي مقتبس من رواية بنفس الاسم للأديب الراحل غازي القصيبي، قدم فيها المخرج مدخلي أسلوبه التهكمي ذات الطابع الكوميدي الذي لطالما انتهجته أغلب مسرحياته التي يخرجها أو يشرف على كتابتها، فالبرمائي (والذي قام بدوه الممثل زياد السلمي) كان بعد أن اندلق عليه فنجان القهوة مضطراً لأن يخلع ثوبه ليكون عارياً من كل شيء سوى من ملابسه الداخلية، والتعرية هنا إسقاط غير مباشر أراد المخرج توظيفه في حبكة المسرحية التي كان البرمائي بطلاً فيها، ذلك البطل الذي يرى نفسه داعماً للثورات العربية، إضافة إلى تطرّقه إلى قضايا الشعرالفصيح والنبطي وظاهرة السرقات الشعرية والاسترزاق من الشعر، إضافة إلى تناول بعض القضايا المستجدة وليدة الأحداث المحلية ومنها: قضية قيادة المرأة للسيارة، وكذلك تأخر الخدمات والمشاريع في جدة مقارنة ب ناجازاكي اليابانية والتي أطلقت عليها القنبلة الذرية إبّان الحرب العالمية الثانية واستطاعت أن تقوم من جديد على أنقاض ما دمّر خلال عامين، وهو ما ألمح إليه البرمائي مقارنة بكوبري في جدة تستغرق مدة الانتهاء منه 5 سنوات مقارنة بجزيرة أقيمت على أنقاض ما دّمر في وقت وجيز مقارنةً بحجم جزيرة هيروشيما اليابانية. «البرمائي» تناول أيضاً قضية بيع المرأة لمستلزماتها النسائية، إضافة إلى الكثير من القضايا الاجتماعية كالإرهاب بجميع أنواعه وفق ما أسقطه البرمائي سواء كان فكرياً أم دينياً أم غيرها من أدوات الإرهاب والترهيب الأخرى. المسرحية لم تخلُ من بعض المداخلات من الجمهور خلال أحداثها، وهو ما انتهجه المخرج مدخلي في مسرحيته ذات الطابع التفاعلي لتنتهي بإطلاق البرمائي الرصاصة الأخيرة على رأسه ليودع قتيلاً داخل أستوديو الإذاعة. في مداخلات المسرحية ذكر المشرف التربوي عبدالكريم الكلي من أنه من الجميل الاهتمام بالمسرح التفاعلي، فيما أشار المسرحي عبدالله الصايغ إلى ضرورة وضع الفواصل خصوصا أن حبكة المسرحية تتحدث عن برنامج إذاعي، بينما أراد المخرج السينمائي فيصل الحربي تفسيراً لظاهرة غياب عنصر الحركة عن المسرحية والذي اعتبره عنصراً أساسياً فيها.