سوق رفحاء القديم علامة بارزة يتردد عليه الحاضرة والبادية عبر السنين وإلى يومنا هذا، حيث لم يجره سباق الزمن مع الحضارة، ولم تعريه السنوات، فبقي على حالته الزاهية يعكس لون الماضي الجميل وعراقة التاريخ، تم تأسيسه قبل 60 عاما على يد العراقيين المَشَاهِده (نسبة إلى المشهد بالنجف)، حيث بنوه من الطين ليؤسسوا في تلك الصحراء آنذاك حراكًا اقتصاديًا كبيرًا. حراك اقتصادي يقول المشهدي مسافر الكنبي (66 عاما عراقي الجنسية) البائع في أحد المحلات منذ 50 عاما، أن السوق أسسه المشاهدة العراقيون في عام 1950م تقريبًا، وكانت بداياته عشرات المحلات من الطين، بينما كانت محافظة رفحاء وقتها بادية لا يوجد فيها أي حراك اقتصادي، ويقطن سكانها في بيوت الشعر وبعض بيوت الطين، مُشيرًا إلى أن مؤن السوق في تلك الفترة كانت تأتي من العراق بسيارات شحن قديمة، بعضها من مخلفات سيارات الإنجليز في العراق تسمى الكروب والماك، محملة ببضائع عراقية كالتمن (الرز) والتمر والفرى والبشوت والدلال البغداية والملابس والأحذية وبيوت الشعر ومشتقاتها وجميع المستلزمات التي يحتاجها الإنسان في ذلك الزمن. وأضاف الكنبي بأن السوق في تلك الفترة استقطب كثيرًا من البادية حتى أصبح في الصحراء نوعًا من الحراك الاقتصادي لافتًا إلى استحداث سوق المواشي بجانب السوق أطلق عليه سوق المناخة تباع فيه المواشي والصوف والسمن والزبد والبقل (الإقط)، وكذلك انتشار المطاعم العراقية في تلك الفترة بجانب السوق القديم والتي لا زالت باقية إلى يومنا. من جانبه قال المشهدي كاظم عادل الغزالي (عراقي الجنسية) إن البضائع كانت تأتي في بدايات السوق من العراق عن طريق البر مرورًا بالمراكز الحدودية ولا توجد صعوبات في جلبها، لافتًا إلى أنه لم تعد الآن بضائع عراقية تباع في السوق كما هو في السابق. وحول هدم السوق وإعادة بنائه أو ترميمه قال: إن سوق رفحاء القديم رمّم قبل 30 سنة تقريبًا لكنه لم يفقد هيئته القديمة التي اشتهر بها عند بناء المشاهدة له. فيما قال المشهدي عباس دوش إنه موجود في السوق منذ 40 عامًا يمتهن البيع فيه، إن هناك مشكلة في إعادة بناء السوق كون أن المحال متصلة ببعضها وكل منها مملوك لشخص مما يصعب إزالته وإعادة بنائه، لافتًا إلى أن السوق بشكله القديم يشكل أصالة الماضي وعراقة التاريخ مما يستقطب كثيرًا من الزبائن الذين يفضلون التسوق فيه حتى أضحى شامخًا على مر السنين لم تؤثر في مبيعاته الأسواق الحديثة. ومن جانبه قال المواطن عبيد الشمري (56عاما)إنه يفضل التسوق في سوق رفحاء القديم لما له من رونق خاص ومعروضات جيدة وأسعار مناسبة، لافتًا إلى أنه يضم بين جنباته محلات تهتم بما يحتاجه أهل البادية من بيوت الشعر والخيام وجميع مستلزماتها، مما حافظ على كيانه كعلامة بارزة في محافظة رفحاء لعراقته وأصالته. فيما قالت المواطنة الجازية الشمري (60 عاما): لا أعرف أن أتسوق إلا في السوق القديم، فقد أحبته نفسي منذ صغري وما زال عشقه في قلبي، فهو يمثل لنا السوق الأول الذي لم نعرف غيره في تلك الفترة مما تعودنا على ارتياده حتى بتنا لا نستطيع أن نرتاد غيره من الأسواق الحديثة الذي نرى بأن كل ما فيها لا يناسبنا.