انتهت أمس في العراق مهلة المئة يوم التي منحت الى الوزارات لتحسين أدائها، وسط ترقب لرد فعل الشارع بعد دعوات التظاهر التي وجهت إليه، ومحاولة رئيس الحكومة إعادة صياغة مفهوم هذه المبادرة. وبدأت أمس جلسات علنية يومية تنقل على الهواء مباشرة يعرض فيها الوزراء ومسؤولون في الوزارات تقارير عن انجازاتهم والعقبات التي واجهت عملهم خلال المئة يوم السابقة اضافة الى خططهم المستقبلية. وسيقوم رئيس الحكومة نوري المالكي بتقديم تقريره النهائي وعرضه على الشعب العراقي للمشاركة في التقييم، بعد انتهاء هذه الجلسات، التي لم يحدد عددها ولا تاريخ انتهائها. وكان العراق شهد في بداية العام الحالي اكبر تظاهرات منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، استلهم فيها آلاف العراقيين الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، منددين بعدم كفاءة الطبقة السياسية. ودفعت التظاهرات المالكي الى الاعلان في 27 فبراير عن انه سيقيم وسيعلن بعد 100 يوم من هذا التاريخ «اخفاقات ونجاحات كل وزير»، ملمحا حينها الى امكانية طرد وزراء او مسؤولين في وزاراتهم. كما اعلن حينها عن حزمة من الاصلاحات تتعلق خصوصا بمكافحة الفساد وتوزيع 280 الف وظيفة حكومية وخفض سن التقاعد. وضاعفت الوزارات العراقية خلال الاشهر الثلاثة الماضية جولاتها التفقدية الميدانية التي غالبا ما ترافقت مع تغطية اعلامية كبيرة، فيما قامت بتنفيذ مشاريع لاصلاح بعض الطرقات ووقعت عقودا لبناء مساكن جديدة، كما قامت بتوزيع الوقود على المولدات الكهربائية الخاصة بالاحياء السكنية مجانا. إلا أن أيًّا من الوزارات لم تتمكن من إيجاد حلول لمشاكل اساسية يعاني منها العراقيون في حياتهم اليومية، وبينها النقص الحاد في الكهرباء، وكذلك الوضع الامني الذي يبقي البلاد في حالة من التاهب الدائم. وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل ان «ما استطاعت الحكومة تحقيقه باطلاقها وعد المئة يوم هو احتواء زخم الاحتجاجات والتظاهرات التي كانت كبيرة عشية اطلاق المبادرة». واضاف «لم يحصل هناك اي تقدم لم يتحقق اي انجاز للوعود التي اعلنت لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات». وعشية انتهاء مهلة المئة يوم، حاول المالكي اعادة صياغة المفهوم الاساسي الذي قامت عليه هذه المبادرة، فيما بدا تراجعا عن الوعود التي اطلقت في اوج التظاهرات الشعبية. وقال في اجتماع حكومي نقل على الهواء مباشرة مساء امس الاول ان «مبادرة المئة يوم معمول بها في كثير من دول العالم، وهي ترتكز على فكرة ان تضع الحكومة سقفا زمنيا اوليا لتعرف من خلاله المؤشرات التي تؤكد امكانية قيامها بمهامها». واعتبر ان بعض الاطراف «فهموا الخطة بطريقة خاطئة وهناك من يريد أن يشوش على مفهوم هذه المبادرة». وهاجمت صحف عراقية امس ما رأت انها محاولة من قبل المالكي لتبرير «الإخفاق الحكومي في فترة المئة يوم».