حرّكني السائلون، وكثرة أسئلتهم إلى تنحية الخاطرات العاطرات، وللسائل حقٌ، ولو كان سؤاله مرسلاً إلى الهاتف الجوّال، وإهمال السائل حين إمكان الجواب، ونبذه مذمومٌ. وقد يدرك المسؤول بذوقه ومشاعره أنّ السّائل متعنِّتٌ، يريد المراءَ، أو متكاسلاً عن البحث، متنصِّلاً عن المسؤولية، فيريد من سؤاله حلّ الواجب المدرسيّ، وربّما سأل الطالب الجامعيّ عن معنى لفظةٍ، أو مسألة مشهورة لا يعذر بجهلها، أو لا يعذر بعدم القدرة على الرّجوع إلى مظانّها. فأمّا الأوّل؛ فيعرض عنه بلا تثريب، وأمّا الثاني؛ فيوقظ بالتأنيب، وأمّا الثالثُ؛ فينبَّه بالترغيب والترهيب. فمن الأسئلة اليوم ما لو دنا السّائل إلى مظانّ الجواب، لوجده في دقائق معدودة، ولا مانع يمنعه إلاّ تكاسلٌ وحبٌّ؛ لأن يخدم في كل شيء، ولا عجب في ذلك، ولا تعجيب، فنحن قد عُوِّدنا على أكلات جاهزة، وحَشْوُ الأذهانِ كحشو البطون. والقصد: أنّ (الخاطرات) ستؤول إلى (فتاوى لغويّة)، تجيب عن أسئلة السّائلين في الألفاظ وتصويبها، ومعانيها ودلالاتها، وعللها وأسبابها، وأشباهها ونظائرها، وبلاغتها وأسرارها، وفي الكلام المعجز. وأول سؤال أجيب عنه: لماذا التغيير ؟ هل هو للتغيير ذاته، والعالم اليوم يسعى إلى التغيير؟ أم التغيير للتطوير والتجديد؟ أم لأنّ خواطر القلب غير متناهية؟ أم لكثرة السائلين، وفي علم أهل العلم حقّ للسائل؟ أم لذلك كلّه؟ وهو الجواب. [email protected]