ما إن أنهى إلي العزيز الأستاذ عبدالله الأفندي، برسالة خفيفة منه مساء يوم الجمعة المباركة، خبر صدور اللائحة المُعدَّلة للأندية الأدبية بعد إقرارها من معالي وزير الثقافة والإعلام الأديب الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجة، حتى أخذت أرقب بشوق بزوغ شمس جديدة، لأتفرس تفاصيل اللائحة المُعدَّلة على صفحات صحفنا الوطنية، وحتما فإن عديدا من أقراني سيلتمسون لي العذر على تلك اللهفة الخانقة، لكوني كنت أحد أولئك المُعبِّرين بصراحة عن امتعاضهم من تحديد بعض الأندية اعتبار بكالوريوس اللغة وآدابها شرطا لازما للحصول على عضوية النادي الرئيسية، وإن لم.. فيجب أن يكون له إنتاج أدبي مطبوع واحد أو أكثر، مع عدم استيعابي حتى هذه اللحظة لمعنى كلمة (واحد أو أكثر) التي تكرر مضمونها في اللائحة المعدلة، وإن لم.. فإن فرصته الأخيرة تكمن في قرار الاستثناء، وهو ما توفر لي ولله الحمد. وواقع الحال وبالرغم من فرحي بأن اللائحة المُعدَّلة لم تُحدِّد تخصصا معينا كشرط للعضوية العاملة، ناهيك عن إغفالها لتخصص اللغة وآدابها أساسا، إلا أن الأمر لم يخلُ من الالتباس في ذهن المُشرِّع، حيث مع تحديده في الشرط الثاني بأن يكون المتقدم قد «أصدر كتابا أدبيا مطبوعا أو أكثر» قد أغفل تخصيص الصفة الأخرى وهي الثقافي في الإنتاج المطبوع، وهي المنصوص عليها في المادة الرابعة من اللائحة نفسها حين القول بأن من الأهداف: «نشر الأدب والثقافة باللغة العربية الفصحى، وإبراز واقع وتاريخ المنطقة الأدبي والثقافي..»، ولاحظ عزيزي القارئ كيف أن اللائحة تقرن بشكل دقيق بين الأدبي والثقافي، وبالتالي فلا يصح أن يتم استثناء صفة الثقافي في شخصية العضو العامل، وفي أي إنتاج مطبوع، وبخاصة إذا ما أدركنا أن الوزارة المعنية بالأمر قد حصلت على شرعيتها الوظيفية من ذات الصفة. وعلى كل وبمنأى عن هذا الموضوع الذي أتصور بأن للوزارة والقائمين عليها رأي فيه لم أستوعبه حتى اللحظة، إلا أنه يتحتم عليَّ إنصافا أن أشيد بمضمون وتفاصيل اللائحة، التي اهتمت بإيضاح مختلف التفاصيل الإجرائية لاسيما في التنظيم الإداري والمالي، وبالتالي فيبقى الأمر مرهونا بعد ذلك على طبيعة الدور العملي الذي يجب أن يقوم به الأدباء والمثقفون لتحقيق غاياتهم المنشودة؛ ذلك أنه قد أصبح من الواجب على من يرغب في الترشح لعضوية مجلس إدارة أي ناد أدبي ثقافي، أن يكون صاحب مشروع ورؤية ثقافية خلاقة، وأن يملك لتحقيق معالمها خريطة بيِّنة، يتسنى للناخبين من أعضاء الجمعية العمومية دراستها ومناقشته في آفاقها وآليات تنفيذها، ومن ثم العمل على مراقبة تنفيذه لأطرها خلال مدة عضويته القانونية. بهذا الأمر نكون قد بدأنا مسيرة جديدة في بناء كينونة مشوارنا الثقافي، لنخرج بفعلنا عن أي رتابة معهودة، إلى آفاق عصر جديد يرتكز على تلك الحركية الفاعلة، التي يتوجب الاهتمام بها لبلوغ غاية ما نتمناه من فعل إيجابي لمشهدنا الثقافي، الذي لا يزال يعاني من بعض القصور المعرفي والرتابة الفكرية وصغر حيز الحركة التأملي عند عدد من متعاطيه، حتى أن مشهدنا المعاصر، وللأسف الشديد، لا يزال محموما بنقاشات ساخنة حول مواضيع قد عفا عليها الدهر في عدد من الدول المجاورة منذ نصف قرن ويزيد. وبالتالي فما أحوجنا حاليا إلى وضوح الرؤيا الإستراتيجية لمشروعنا الثقافي المستقبلي، بمعنى أن تكون الأهداف الغائية لحركة التفاعل الثقافي واضحة في ذهن المُشرِّع سواء في شكله الرسمي أو الأهلي، ليتسنى تنامي وتيرة الحراك في مختلف صوره الثقافية كالأدب والمسرح والفنون البصرية والسمعية عبر التميز في إنتاج عديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والإذاعية والموسيقية، وتنمية مختلف القدرات الإبداعية. إنه الدور المستقبلي المنشود الذي تمثل اللائحة مَنصَّة يرتكز عليها، فشكرا وزير الثقافة على مختلف الجهود التي تقوم بها ويقوم بها معك فريق عملك. [email protected]