· لم يدر بخلد الطالبة الصينية «كانج يو جنج» يوماً ، أن الثري المجهول الذي يرمز لنفسه ب ( العم لي ) و الذي ظل يرسل لها عبر البريد وعلى مدار أربع سنوات مبلغاً سنوياً قدره (200) دولار أمريكي لمساعدتها على تحمل نفقات دراستها الجامعية ، ليس سوى عاملة نظافة فقيرة ؛ نذرت كل ما تملك لمساعدة الطلاب الفقراء سراً ، على طريقة ( افعل الخير وارمه في البحر ) .. لذا لم تتمالك ( كانج ) دموعها عندما علمت أن العاملة المسنة -64 عاما - أنفقت منذ العام 1998 قرابة ( 20 ) ألف دولار في مساعدة ( 25) طالبا وطالبة ، وهو ما يعادل 90% من إجمالي دخلها طوال تلك الفترة ،رغم أنها لا تملك في منزلها سوى ثلاجة قديمة حصلت عليها كهبة من أحد المحسنين . · المدهش - بحسب الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء الصينية - أن عاملة النظافة (لي) عندما وصلت سن التقاعد توسلت لدى رؤسائها كي يسمحوا لها بمواصلة العمل حتى تتمكن من متابعة إنفاقها على عشرة طلاب لم يكونوا قد أتموا دراستهم حتى ذلك الوقت، وعندما علم مدير الشركة بهدفها النبيل قرر مكافأتها بمبلغ عشرة آلاف دولار ، فما كان منها إلا أن أنفقت المبلغ ( وعلى داير مليم) على الطلاب الفقراء ، متجاهلة نصائح البعض من زملائها بالاحتفاظ بشيء من المكافأة لترتيبات جنازتها . · العطاء فعل إنساني لا دين له ولا جنسية ، و قيمة الإنسان وسعادته لا تقاس بمقدار ما يمتلكه من أموال .. بل بحجم عطائه ومشاركته لمحيطه ؛ و بقيمة وتأثير هذا العطاء في تغيير حياة الآخرين . · في كتابه الشهير ( العطاء) يسرد بيل كلينتون قصة مشابهة لعاملة بسيطة أخرى تدعى (أسيولا ماكرتي)- 75 عاماً - تعمل في مجال غسيل وكي الملابس ، تبرعت بمبلغ 150 ألف دولار لجامعة ميسيسيبي لإنشاء صندوق منح دراسية للطلاب الأميركيين من أصل أفريقي.. وبعد أن يورد أمثلة كثيرة على تنوع مجالات العطاء، منها تلك الأسرة الصغيرة التي أنشأت مؤسسة لجمع وشحن الكتب والأدوات المدرسية ل 35 مدرسة في أفريقيا.. ينقل كلينتون عن الزعيم الأسود مارتن لوثر كينغ قوله: « يمكن لكل إنسان أن يكون عظيما، ذلك أنه يمكنه أن يكون مفيدا» .. ثم يضيف : « بإمكان كل منّا، مهما تواضعت إمكانياته ، ومهما قل وقته ، ومهما كان عمره وكفاءاته، التصرف بطريقة مفيدة بالنسبة للآخرين .. فنحن جميعاً نملك القدرة على القيام بأعمال عظيمة قد تغيّر العالم من حولنا « . · عندما يسود اعتقاد مجتمعي أن العطاء فعل خاص بالأثرياء والموسرين فإننا بلا شك أمام إشكالية ومعوق حقيقي أمام انتشار العمل الخيري .. وعندما نحصر أوجه العطاء والعمل الخيري في بناء المساجد والمساكن ونتجاهل ميادين الصحة والتربية والتنمية فنحن أمام إشكالية اكبر لابد من تجاوزها .. فالعطاء قيمة إنسانية يجب أن تتحرر من كل العقائد و الأيديولوجيات، والاهم ألا يكون لها حد أدنى .. فالأشياء التي قد تبدو في نظرك صغيرة أو تافهة قد تمثل قمة الأحلام بالنسبة لآخرين . · عفواً .. نسيت أن أشير إلى أن عاملة النظافة الصينية ذات القلب الذهبي قررت أن تتبرع بجميع أعضاء جسدها بعد الموت ..( ألم اقل لكم أن العطاء قيمة لا حدود لها) . [email protected]