لم يعد العمل الخيري والإنساني قائمًا على الاجتهادات الشخصية، ولا على الجهود الفردية، أو متّسمًا بالمركزية والشخصانية، بل أصبح هذا القطاع المهم في كل دول العالم قائمًا على العمل المؤسسي، ومتكئًا على الشفافية العالية، ويمارس كل نشاطاته تحت الأضواء الكاشفة في كل أنحاء العالم، في ظل تطور المعلوماتية المذهل، وعدم إمكانية إخفاء أي معلومة، أو جزء منها، وليس العمل الخيري والإنساني الإسلامي بدعًا في هذا الإطار، في شفافيته، ووضوحه، ولامركزيته، ولا شك في أن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي لها القدح المعلّى في إشراك نخب المجتمع من العلماء، والمفكرين، والمسؤولين، ورجال الأعمال، وسواهم في كل إنجازاتها ومشروعاتها وخططها وتطلعاتها إشراكًا حقيقيًّا وفاعلاً، ويتجلّى ذلك بوضوح لكل مَن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد، من خلال تأسيس الجمعية العامة للهيئة قبل ستة أعوام، وقد انعقد اجتماعها السادس بجدة يوم الخميس 2/6/1432ه، برئاسة معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس مجلس إدارة الهيئة، وحضور سعادة الأمين العام للهيئة الدكتور عدنان بن خليل باشا، ومسؤولي الهيئة، ومشاركة ما يقرب من ثلاثمائة عضو من أعضاء الجمعية العامة للهيئة يمثلون أطياف المجتمع كافة «فكرية وثقافية وعلمية وسواها»، وللسنة الثانية على التوالي شارك أعضاء بارزون من خارج المملكة من دول مختلفة مثل: الأردن، واليمن، والمغرب، وكينيا، والهند، ونيجيريا، وقد ناقش الاجتماع العديد من التوصيات المهمة لمجلس إدارة الهيئة، واستمع الحضور إلى تقرير الأمين العام للهيئة عن الأداء الإداري والمالي والاستثماري للهيئة للعام المالي 1430/ 1431ه، كما ناقش الأعضاء توصيات الاجتماع الرابع والعشرين لمجلس إدارة الهيئة حول الحسابات الختامية (القوائم المالية) للهيئة للعام المالي 1430/ 1431ه، كما تم ترشيح المراجع الخارجي لمراجعة حسابات الهيئة للعام 1431/ 1432ه، إضافة إلى موافقة الأعضاء على انضمام أعضاء جدد للجمعية العامة، وأتيحت للحاضرين فرصة مشاهدة فيلم تسجيلي عن نشاطات الهيئة، وإنجازاتها داخليًّا وخارجيًّا خلال الفترة الماضية، بما في ذلك جهودها المتميّزة في مساعدة المتضررين من سيول جدة، وتقديم العون لهم، وتوزيع الغذاء والكساء عليهم في كل الأحياء المتضررة دون استثناء، فقد وزعت الفرق الميدانية للهيئة خمسة آلاف سلة غذائية، وأكثر من خمسة آلاف بطانية، وسوى ذلك من المواد الإغاثية في ثمانية عشر حيًّا في جدة، إضافة إلى الشقق المفروشة التي نزلت بها بعض الأسر المتضررة، كما احتوى الفيلم على مشاهد لحملة الهيئة الموسعة لنجدة الأشقاء في باكستان إثر السيول المدمرة التي تعرضت لها، وكانت الهيئة من أوائل المنظمات الخيرية التي وصلت إلى مواقع الكارثة، ونجدت المتضررين منها، إضافة إلى مشروعات صحية وتربوية واجتماعية ودعوية وإنشائية ووقفية تضطلع بها الهيئة بكفاية عالية داخل المملكة وخارجها. وجدير ذكر أن الهيئة حصلت على شهادة الجودة العالمية (الأيزو 2008- 9001) بعد استيفاء كل إداراتها وأقسامها لمتطلبات الشهادة، وكان مندوب المراجع الخارجي للجودة والمسجل الأمريكي لأنظمة الجودة (ASR) قد زار الهيئة في فبراير لهذا العام 2011، ودقق في العمل المنجز، ووقف على إدارات الهيئة المختلفة، ومرافقها، وأقسامها، وأصدر قراره بترشيح الهيئة للحصول على شهادة الجودة لاستكمالها المتطلبات على أحسن وجه، وتبع ذلك إصدار المسجل الأمريكي للجودة شهادة تسجيل الجودة العالمية (أيزو 2008- 9001) حسب نجاح نتائج التدقيق الخارجي السنوي. وبذلك أصبحت الهيئة مؤهلة بكل معايير الجودة العالمية، وحاصلة على الاعتماد بذلك من المسجل الأمريكي للجودة وهو عضو المجلس الوطني الأمريكي لمسجلي الجودة المعتمد من قبل الهيئة المستقلة الأمريكية لمسجلي الجودة المعتمدين في العالم. وتقلُّ المؤسسات الخيرية الإسلامية الحاصلة على هذه الشهادة. وإمعانًا من الهيئة، وتأكيدًا على العمل المؤسسي والعلمي في مسيرتها الطويلة في حقل العمل الخيري، عقدت الهيئة ندوة علمية مصاحبة للاجتماع السادس للجمعية العامة بعد عصر يوم الخميس 2/6/1432ه، تحدث فيها الدكتور عبدالكريم بكار في محور «ترسيخ ثقافة العمل الخيري»، كما غطّى الدكتور نبيل عزت موسى محور «العمل الخيري والإسلامي بين التخصص والتنوع والتنسيق»، وأتيحت الفرصة من بعد ذلك للمداخلات والأسئلة والنقاش. وجاءت هذه الندوة العلمية لتأصيل أسس العمل الخيري علميًّا انطلاقًا من خبرات هيئة الإغاثة وتجاربها الممتدة على مدى ثلاثة عقود أو يزيد داخل المملكة وخارجها. وهذه الفعاليات الكبيرة مجتمعة تؤكد على أن الهيئة تتبع المنهج الشوري في إدارة جميع مشروعاتها، وإداراتها، وهو ما نحتاج أن نراه في كل قطاعات العمل الخيري الإسلامي الأخرى.