نعم مللت من شاشة التلفاز الإخباريّة ، من وجوه المذيعين والمذيعات وهم يقرأون مثل هذا الخبر ( قُتِل هذا اليوم 11 مواطناً في المظاهرات التي حدثت في سوريا أو ليبيا أو أي مكانٍ عربيٍّ آخر ) ثمّ يودعوننا في نهاية النشرة ب ابتسامة وصوت سيارة إسعافٍ متقطّع ! مللت من حكاية التهام الجراد للقطن المصري واندلاق القهوة اليمنيّة وزيت الزيتون التونسي على سجادة الكرامة العربيّة ! قبل الفطور فاجعة وبعد الغداء فاجعة ومع العشاء فاجعة إلى درجة أن أصبت بالتخمة ! ربّما كأول مواطنٍ فقيرٍ يُصاب بداء الأثرياء .. لذلك قررت بداية هذا الأسبوع أنا وعائلتي الكريمة أن نصوم ونحذف كل القنوات الاخبارية من شاشتنا ومن جدولنا الأسري لننعم بشيءٍ من الهُدوء ونتفرّغ لمشاكلنا الخاصّة بعيداً عن مآسي وفواجع الأخوة العرب ، وبعيداً عن إيران التي لو كان الأمر بيدها لتدخّلت حتى في أمر ملابسنا الداخليّة ! ، المهم أنّي قمت بحذف كل تلك القنوات كحذف رقم صديقٍ متوفّى في حادثٍ على طريق رفحاء _ حفر الباطن ! لأكتفي بقنوات الأفلام وقناةٍ دينيّة مع كرتون وشعر شعبي ورياضةٍ لم أكن حريصاً عليها ذات يوم ! ، الحقيقة كاد بيتنا ينعم بالهدوء وكدت أن أكتُب ( قصيدة حُبّ ) في أوّل ليلةٍ من تلك المقاطعة لولا سوء الحظ ، فأوّل فيلم تمّ عرضه في تلك الليلة كان من نوع الخيال العلمي تدور فكرته حول تطوير أسلحة الحرب في الزمن القادم وكيف ستستطيع الشعوب أن تسحق بعضها عبر ( جرثومةٍ صغيرة ) أو ( قنبلةٍ إلكترونيّة ) تصل بكل هدوء عبر الهواء ! هربت بدون تردد إلى القناة الدينيّة لأجدني أمام أتونٍ طائفي واثنين يلقيان ما معهما من أوراق فيه ليضرما النّار أكثر وأكثَر ، هربت من هربي السابق إلى احدى قنوات الكرتون لأجدني مجبراً على متابعة ( توم ) وهو يكسّر الأطباق على رأس ( جيري ) وكلب أميريكي قبيح لا أدري ما اسمه يتفرّج ! لأعرف سِرّ عراك أطفالي الدائم وسرّ اختفاء الأطباق من شقتي العامرة ! على قناة الشعر الشعبي أدرت الريموت لأجد عليها شاعرين شعبيين ( يلعنان سلسفيل ) بعضهما ويتغنيان بكل فخرٍ وعنتريّة بأمجاد ( قطّاع الطريق ) من أسلافهم ! الآن لم يعد لي من خيار إلا القنوات الرياضيّة التي لم أكن حريصاً عليها ذات يوم لأجدني أمام مجموعة من المحللين الرياضيين لا يتمتعون بأي روح رياضيّة ! بعد كل هذه الأشياء أعلِن وأنا بكامل قواي العقليّة والنفسيّة أنّ تلفازي : للتقبيل لعدم (التفرّج ) ! *** خاتمة ما قبل النقطة : أما آن للأرض أن تهدأ ؟! أما آن للروح أن تستكين ؟! [email protected]