وصل يوم أمس الاثنين إلى مطار الملك عبدالعزيز بجدة جثمان الطالب السعودي مشاري بن عبد المحسن السريحي والذي وافته المنية يوم الأحد الماضي غرقا في احدى بحيرات ولاية أوهايو الأمريكية عندما كان برفقة أحد جيرانه الأمريكيين برفقة طفله - 14 سنة - في رحلة صيد، حيث فاجأتهم عاصفة قوية أدت إلى انقلاب المركب، فسارع مشاري رحمه الله إلى إخراج الطفل الامريكي الى بر الامان وعاد لإنقاذ والده لكن مشيئة الله كتبت نهايته غرقا بعد أن أصيب بتشنج في العضلات نتيجة شدة برودة المياه (درجتان تحت الصفر) ووجدت جثته قرب الشاطئ. صاحب الابتسامة المتميزة وقد تحدث ل "المدينة" عدد من أصدقاء ومعلمي الفقيد عن هذه الفاجعة ورووا بعضا من ذكرياتهم معه. عصام الشعيبي استاذ اللغة العربية والمرشد الطلابي بثانوية جدة قال: "درست البطل مشاري رحمه الله في الصف الاول ثانوي، قبل أن أصبح المرشد الطلابي عليهم، ولقد فجعت بخبر و فاة هذا الطالب النشيط والحيوي صاحب الابتسامة المتميزة، حيث كان يتميز بروحه الطيبة واخلاقه الحميدة وصدقه في اصعب الظروف، ولم نعهد عليه الكذب طوال فترة معرفتنا به. حاصل على شهادة في الغوص ويضيف صديقه فهد بن منصور: عرف مشاري بحبه الشديد للبحر والصيد حتى انه حاصل على شهادة في الغوص حتى 200 متر، ولم يكن يخشى النزول في البحر حتى انه في احد الايام تعطل بنا المركب ونحن في البحر الجنوبي وعلى الرغم من الخوف الذي تملكنا جميعا خاصة وان شبكة الاتصال كانت ضعيفة جدا، الا ان مشاري كان يداعبنا ويضحك معنا ولم يكن يخشى شيئا. شهادة الطفل الأمريكي وبصعوبة شديدة يكمل فهد حديثه قائلا: كان مشاري ذا شخصية جذابة، فلا يمكن ان يعرفه احد إلا ويتعلق به، ومن الامور التي اثلجت صدرنا شهادة الطفل الأمريكي الذي انقذه الفقيد قبيل و فاته، حيث قال في التحقيق "مشاري أنقذني" هذه العبارة التي أبكت افراد عائلة الطفل حيث وصف حادثة الغرق بأنها "منظر مرعب ومخيف" حيث كانت الأمواج تضرب المركب بقوة ومن كل جهة، وأدت قوة الرياح إلى انقلابه. وعندما سأله أقاربه كيف نجا من الغرق وهو مبتدئ في السباحة، أجابهم الطفل "مشاري حملني إلى بر الأمان"، وهكذا أصبح اسم مشاري وبطولته على لسان الجميع، ووصفه البعض في حديثهم لصحف محلية امريكية بأنهم يعتبرونه بطلا بأفعاله. ويضيف الطفل "عندما حملني لبر الأمان طلب مني الاتصال على الشرطة وطلب النجدة" ومن ثم عاد مشاري إلى البحر ليبحث عن والدي ولكنه لم يعد". وقال شهود عيان كانوا على مقربة من الحادثة بأنهم لم يستطيعوا مساعدتهم حيث كانت الأمواج عالية والرياح قوية بحيث تصعب المخاطرة بإنقاذهم، وأوضح أحدهم أنه شاهد مشاري وهو يحاول أن يعود إلى المركب ظناً منه أن والد الطفل ما يزال عالقا به، لكنه سرعان ما اختفى عن الأنظار. بطل مسلم وعلق محمد حمدان السريحي (خال الفقيد) بأن رحيل مشاري ليس بالامر الهين ولكن العزاء في بطولته وشهادة كبار الضباط الأمريكيين له حيث قاموا بتأدية التحية العسكرية لجسده الطاهر وقالوا يجب ان تفتخروا به فهو بطل اثبت انسانيته وعكس صورة جميلة عن الاسلام وهو يضحي بنفسه من اجل انقاذ الآخرين. الفقيد مشاري يذكر أن مشاري رحمه الله من مواليد عام 1408ه، وقد سافر الى امريكا لاكمال دراسته الجامعية في تخصص الهندسة الالكترونية، ويشهد له كل من يعرفه من اصحابه و اقربائه بأنه انسان متميز جدا، حيث كانت ابتسامته لا تفارق وجهه الطفولي وكان بارا بوالديه محافظا على صلاته، حتى أن الصلاة كانت آخر وصاياه لخاله نايف الذي يرافقه بامريكا ويشاركه السكن في نفس الشقة، حيث قال له (لا تشيل هم ياحبيبي لن أتأخر عليك واوصيكم بالصلاة ).