إذا أردت أن تتعرف على الملامح النفسية لأمة من الأمم ، وإذا رغبت في معرفة جزء من ثقافتها وأسلوبها في التفكير ، فما عليك إلا أن تراجع قاموس الشتائم الرائج بين أبنائها . طبعا الشتائم ظاهرة غير صحية ، والقرآن الكريم وجميع الأديان السماوية حضت أتباعها على اجتنابها وأوصتهم بالترفع عنها ، لكن طبيعة البشر الميالة لممارسة العنف في حالات الخلاف الشديد ، ساهمت في ازدهار ظاهرة الشتائم كإحدى تجليات العنف اللفظي . ومع الاختلافات الحضارية والثقافية وتباين الشخصيات القومية اصبح لكل شعب وأمة من شعوب وأمم العالم ، قاموس خاص للشتائم يعبر عن الأمور التي تشكل مادة خاما لإشعار الشخص المشتوم بأقصى درجات الإهانة . بالنسبة لنا نحن كعرب فإن قاموس الشتائم في العالم العربي على سبيل المثال ، يؤكد على أننا مجتمع ذكوري خالص ، يحتكر الفضائل للرجل وينفيها عن المرأة جملة وتفصيلا. وليت الأمر يتوقف على ذلك ، بل إن قاموس شتائمنا المتداولة من البحرين إلى المغرب ومن أقصى جنوب اليمن إلى أقصى شبر في شمال لواء إسكندرونا ، يشي باحتقار شديد من البعض للمرأة يصل إلى الحد الذي يربط بين وجودها وبين العار بكل ما يتضمنه العار من رذائل ومخازٍ ! على سبيل المثال ، فإننا نحاول عندما نريد إهانة شخص ما إلى أقصى حدود الإهانة ، أن نمارس الغمز واللمز من السلوك الاخلاقي الذي يرتبط في أذهاننا ولا شعورنا بالمرأة وحدها ، أي الأم والأخت وباقي إناث العائلة . أما الغمز واللمز والتعريض بسلوك الأب أو الأخ ، فيعتبر صفة ترفع الرأس وتدعو للزهو !! المسألة في رأيي واضحة وضوح الشمس . نحن العرب أصحاب ثقافة ذكورية متطرفة تعتبر مجرد وجود ولو أنثى واحدة ضمن عائلة ما ، عارا ما بعده عار .لذا ننظر إلى الرجل بوصفه مصدرا للفخر ودليلا على فضيلة الفحولة ؟! اليست الفحولة عندنا هي أم الفضائل ؟! [email protected]