أُقدِّر شعورك أيّتها المخلصة، وشعور الأنجال والأحفاد بأسى الفراق، وهذا شعور كل مَن أحب الأديب الأستاذ الفاضل محمّد صادق دياب -رحمه الله رحمة واسعة- واسمحي لي بمشاطرتكم العزاء في فقيد ليس للبشر فقط، بل للأدب والكلمة والأخلاق، صحيح لم أقابله إلاّ مرات قليلة، لكن سُمعته الأدبية سبقت إلى مسامعي قبل رؤيته وجهًا لوجه، وعيني نظرت أدبه المسطور في الكتب ومقالاته في الصحف، وعن سُمعته الأبوية من خلال ابنتي إيمان صديقة ابنتكم المصونة سوسن، وأول لقاء كان عندما جلست بجانبه في مناسبة قبل عدة سنوات أقامها مؤرخ المدينةالمنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم وكاتبها أخي الدكتور الفاضل عاصم حمدان ابن المدينة البار، فرأيت أدبه وقلمه صادقًا على اسم أبيه -رحمهما الله تعالى- وما ذلك إلا لانعكاس كل ذلك الأدب الكبير على خُلقه؛ لأنه ممّن يكتب بصدق، ويُسطر القلم خلجات نفسه ودواخلها ، أمّا المتملقون فليس لهم من ذلك نصيب. أم غنوة بقدر ألم الفراق إلاّ أن السلوى أنه خلَّد كلمات تُكتب بماء الذهب، وعكس خلقًا في التعامل سيبقى قدوة لمن عرف محمّد صادق دياب ولو لمرات قليلة. الأدب العربي الأصيل لم ينقطع، وتوارثته أجيال وأجيال، ودياب وريث ومورث لهذا الأدب الذي يتغنى به الشرق والغرب، وأصبح الأدب العربي الأصيل لوزنه الكبير يُدرَّس حتى في جامعات الفرنجة، وتمنح من هناك الدرجات العلمية الرفيعة لمن يتعمق بدراسته. دياب صقل أدبه وقرنه بعشق جدة قديمها وحديثها، ماضيها وحاضرها، ولو كان دياب مسؤولاً فيها لما رأينا حال تاريخها العريق وماضيها الكبير وصل إلى هذا الحال، فلما أفقنا بدأنا نُلملم بقية ما فرطنا فيه. دياب أرَّخ جدة القديمة بحاراتها وطابعها الاجتماعي والفني والاقتصادي، وترك لعشاق تاريخها حصيلة فُقِدَ الكثير منها على أرض الواقع، وباقية في أدب دياب مخطوطة بقلمه السيّال عشقًا لجدة وأهلها، وسوف يحفظ له التاريخ ذلك ما بقيت جدة على أرض الواقع. يحق لنا ولكم أهل دياب الفخر به وبأمثاله المخلصين، ولن أنسى التغنّي بشاعر المدينةالمنورة، ويحلو لي تسميته بمتنبي عصره سليل بيت كريم، ألا وهو الشاعر المدني المديني الأستاذ الفاضل أخي عبدالمحسن حليت مسلم رفيق المرحوم بأمر الله في أصعب أيامه وآخرها، ولا نستغرب عنه شيئًا، ولا من كرمه وإخلاصه شيئًا، فهو ابن العم الفاضل حليت -رحمه الله تعالى، ورحم والدينا، وأموات المسلمين أجمعين- فقد قدَّم صورة للإخلاص تندر في أيامنا هذه، بل ندرت من قبل وهو لأبناء المدينةالمنورة ولغيرها قدوة مشرفة ناصعة خيرة.. فحفظه الله من كل سوء، ورحم أديبنا وأستاذ الكلمة الأستاذ محمّد صادق دياب رحمة واسعة والمسلمين أجمعين.. وما اتّكالي إلاّ على الله، ولا أطلبُ أجرًا من أحدٍ سواه [email protected]