نجح فريق طبي من جرّاحي المخ والأعصاب وجراحة الوجه والفكين بمستشفى الملك فهد بجدة في استخراج مقدمة حاملة ملابس معدنية (علاقة ملابس) اخترقت الجيب الأنفي الفكي إلى تجويف عين طفل في الثانية من العمر، واستقرت في الفص الجبهي للمخ بعد اختراقها قاع الجمجمة. وتعتبر هذه العملية والتي أشرف عليها كل من الدكتور محمد عصمت مصطفى، والدكتور رائد بكري شطا، ثمرة تعاون مشترك بين الأقسام الجراحية التخصيصة، ولولا عناية العلي القدير لأدى الأمر إلى تهتك أجزاء حساسة من مخه كانت ستفضي إلى مضاعفات مزمنة طيلة حياته. وقد روت والدة الطفل مأساة ابنها موضحة أنه وقع وبشدة على العربة أثناء قيامها بالتسوق في أحد المراكز التجارية، فدخل أنبوب ومقدمة الحاملة المعدنية عبر وجنته اليمني وعلى الفور أغمي عليه لبضع دقائق، قبل أن يتم نقله إلى طوارئ مستشفى الملك فهد بجدة وهو يعاني من نوبات بكاء وآلام ونزيف دموي مستمر، لتبدأ الفحوصات والعمليات الجراحية العاجلة اللازمة في مثل هذه الحالات الطارئة. جراحة نادرة من جانبه أوضح الدكتور محمد عصمت جراح المخ والأعصاب بالمستشفى، أن الطفل حضر في حالة سيئة جدًّا، واصفًا حالة والديه بالأصعب لشعورهما بأنهما على وشك فقدانه جراء إصابته الخطرة. وتابع: أكدت صور الأشعة المقطعية على المخ أن ما بداخله هو مقدمة كاملة لحاملة الملابس الجدارية، وبينت الفحوصات الطبية الإكلينيكية أنها اخترقت تجويف العين مرورًا إلى الجمجمة من خلال عصبي العين والشريان الرئيس، دون أن تصيبهما بقطع أو تحدث تهتك بهما بفضل من الله، وهنا توجب على الفريق الطبي التدخل الفوري ومعرفة الخطوات التي يتحرك بها ومدى خطورة هذه العملية والصعوبات المتوقعة، وأن يصلوا إلى مقدمة الحاملة بفتحة لا تزيد على سنتمترين لأن منطقة الإصابة لا تسمح بفتح أكثر من ذلك خلال العمل الجراحي. وبين أن الجراحة المعقدة استغرقت أربع ساعات وضمت طاقمًا طبيًّا في تخصصات دقيقة، حيث تم تخدير الطفل مع المتابعة الدقيقة للعلامات والوظائف الحيوية مثل (القلب، الأوكسجين، الحرارة، وغيرها)، وتم عمل فتحة في عظام الجيب الفكي من الناحية اليمني بلغت أبعادها سنتمترين، للوصول إلى خلف العظم الجبهي داخل المخ، وبين أعصاب الأبصار شديدة الحساسة القابلة للتلف، آخذين في الحسبان ضرورة المحافظة على شبكة الأوعية الدموية المتشابكة، والأنسجة الضامة المحيطة بالعين والمخ، وأن تكون فتحة الدخول فوق الجسم الغريب مباشرةً، وبحرص بالغ من الفريق الطبي تم سحب كل جزء ببطء مع توفير الحماية المستمرة، وذلك باستخدام الميكروسكوب الجراحي، ومراجعة جميع الأجزاء مقارنة بالأشعة لضمان عدم وجود أي جزء مختفٍ، وتم عمل رتق كامل ودقيق للأنسجة المحيطة وعظام الجمجمة وعظام الوجه والفكين. وأشاد مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة الدكتور سامي بن محمد باداود بهذا الإنجاز الطبي والجراحي الذي تحقق في صرح طبي عملاق من صروح وزارة الصحة، مؤكدًا أن هذا النوع من العمليات الجراحية يعتبر من أخطر وأصعب الجراحات التخصصية لعدة أسباب منها موقع العملية وعلاقتها بالمخ بالإضافة إلى عمر المريض وكونه طفلاً وكل هذه العوامل تؤثر في نجاح العملية.