طالب عدد من الأكاديميين والمواطنين المسؤولين بالمجالس البلدية بتطوير وتحديث نظام المجالس البلدية الذي وضع قبل 30 عامًا وإعادة صياغة لائحة المجالس لتحقيق سلطتها التقريرية والرقابية وكذلك إعادة النظر في صلاحيات المجالس البلدية واستقلالها إداريا وماليا وفنيا لتكون قادرة على تحقيق مطالب المواطنين وتطوير الخدمات البلدية وتعزيز الوظائف لاستكمال الهيكل التنظيمي للأجهزة البلدية بما يمكنها من تحقيق طموحات المسؤول والمجلس البلدي. وكذلك دعم المجلس بالكفاءات الإدارية والمالية والفنية، واشاروا الى أن ذلك لا بد أن يسبق الدخول في العملية الانتخابية. عدم استيعاب الفكرة: يقول الدكتور سليمان العقيل أستاذ علم الاجتماع جامعة الملك سعود من الملاحظ أن الانتخابات البلدية لم تنجح في إثبات وجودها لأنها لم تستوعب فكرة الانتخابات، فقد تعود المجتمع على تلقي الأوامر بشكل رأسي من الأعلى إلى باقي المستويات المنحدرة عنه، ولذلك فحين انتخب الناس هؤلاء الأفراد لم يشعروا انهم يمثلون الناس، بل انهم يمثلون أنفسهم، فبقيت عملية الاستسلام وتقبل الأوامر من السلطة العليا الممثلة في الأمانة كأفراد او مواطنين أو مراجعين ولم يستوعبوا أنهم ممثلون للناخبين. هيمنة الأمانات: وأضاف: في المقابل نجد أن الأمانات تمارس الدور ذاته في التعامل مع أعضاء المجلس البلدي كمستشارين غير متفرغين أو كأعضاء لجان لا تؤخذ آراؤها أو طلباتها، ولكن يتعامل معها على قاعدة “قول رأيك لكن لن أوافق عليه” فرأي وتوجهات وقرارات ومخططات الأمانات هذه قضايا غير قابلة للمساس، وبقي المجلس البلدي كله وأعضاؤه شكلا بدون مضمون، حتى يقال للمجتمعات الأخرى وللمنادين بهذه العمليات، أن لدينا عمليات انتخاب. أسباب الفشل: أما الدكتور خالد عمر الرديعان استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود فقال: يعود عدم نجاح المجالس البلدية في مناطق المملكة الى جملة من الأسباب؛ منها حداثة التجربة الانتخابية في المملكة وهي بلا شك تجربة ديمقراطية إلا أنها غير متجذرة في المجتمع السعودي. ومن أسباب عدم النجاح استئثار الأمانات بالقرار وسحب الصلاحيات من المجالس البلدية وربما عدم تعاون الأمانات مع المجلس البلدي. استقلالية المجلس: وعلى نفس المنوال قال الكاتب الصحافي محسن السهيمي: مَن يقرأ نص لائحة المجالس البلدية المتضمنة مهام أعضاء المجلس البلدي يدرك أن صلاحيات المجلس محدودة، فهي لا تتعدى إبداء الرأي حول ميزانية الأمانة أو البلدية، وإقرار الحساب الختامي، ودراسة المقترحات التي تقدمها البلدية، ومراقبة أداء البلدية وغيرها من المهام المتواضعة. وعلى هذا لا تستطيع المجالس البلدية أن تضع لها بصمة على خارطة خدمة المجتمع. مشاركة المرأة: إلى ذلك أكد جمعان الكرت عضو أدبي الباحة أن معظم قرارات المجالس البلدية لن تكون ذات قيمة ما لم يكن هناك صلاحيات لتفعيل القرار. وأضاف لا بد أن تمنح المجالس البلدية الصلاحيات لتنفيذ القرارات وكذلك الترشيد في عددها لأن العبرة ليس في الكم بل في الكيف مع التركيز بالدرجة الأولى على الاهتمامات التي تمس احتياجات المواطنين وتشغل تفكيرهم، أما الأعضاء المعينون ليس بالضرورة أن يكون عددهم مساويًا لعدد المرشحين، المهم من وجهة نظري التنويع بحيث يشكل المجلس مزيجا من أطياف المجتمع. ومن خلال التجربة السابقة ومضي ست سنوات عليها كانت فترة الزمنية كافية لدراسة مشاركة المرأة باعتبارها نصف المجتمع المرأة قادرة المشاركة بالرأي، والاقتراح، الدراسة لتطوير وتنمية المجتمع، خصوصا أن منهن من أخذن قسطا من التعليم، يحملن مؤهلات عليا، ولديهن القدرة المشاركة في صنع القرار. --------------------------------------------------------- الصلاحيات أولا وفي ذات السياق قال الدكتور غازي العباسي وكيل الدراسات العليا بجامعة الملك سعود: نظام المجالس البلدية هو نظام رقابي وهذا لا يعطيه المبادرة لتقديم حلول ولكنه يقوم بدور المراجعة في التأكد من تنفيذ السياسات فقط وهذا الدور الرقابي لا يساهم في تقديم حلول أو أي مقترحات تساهم في تطور إدارة المدن، والذي يحتاجه المجلس البلدي هو المزيد من الصلاحيات مثل طرح المشاريع وتقديم أولويات التنمية مثل اولوية المشاريع وانعكاس صوت الشارع والتمثيل الحقيقي للمناطق البلدية التي يمثلها المرشح. ويؤيده الدكتور رشود بن محمد الخريف المشرف على مركز الدراسات السكانية بجامعة الملك سعود، الذي يشير بدوره الى أن السبب الرئيس لعدم نجاح المجالس البلدية يكمن في عدم منحها صلاحيات مهمة. فمشاركتها في صنع القرارات البلدية شكلية ومحدودة جدًا، ولا تتسم بالشفافية أو الفاعلية.. ويرى أن الأمانات لن تعطي أيًا من صلاحياتها، ولن تخفف هيمنتها على عملية صنع القرارات البلدية ما لم تفرض عليها صلاحيات المجالس البلدية وتحدد صلاحيات كل جهة بوضوح. --------------------------------------------------------- الرديعان: هذه شروط المجالس البلدية الفاعلة يقول الدكتور خالد الرديعان في هذا الصدد: لكي تكون المجالس البلدية ذات فعالية أكثر في الأداء وحتى تحقق الأهداف التي وجدت من أجلها لا بد أن تتوفر لها بعض الشروط والتي تتمثل في اختيار أعضاء يهمهم العمل والانجاز وليس الوجاهة الاجتماعية. وهنا يقع اللوم على الجمهور الذي انتخبهم فبدلا من اختيار الأكفاء وأصحاب المؤهلات تم اختيار غير الأكفاء ممن يجيدون الكلام المعسول وممن تنقصهم الرؤية الصائبة. بل إن بعضهم تعليمه متدنٍ وبالكاد يستطيع كتابة اسمه. وأفضل في هذا الحالة أن يكون قسما كبيرا من الأعضاء من المهندسين المدنيين والإنشائيين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة لأنهم أفضل من يفهم في المسائل البلدية وتخطيط المدن والمشاريع. كذلك ينقص المجالس الميزانيات الكافية وأقترح بهذا الخصوص أن يتم اقتطاع بعض ميزانيات البلديات والأمانات وتوجيهها للمجالس البلدية لتكون تحت تصرفها، بحيث يتحتم التعاون بين الأمانة والمجلس البلدي. ولا ننسى العمل على توسيع صلاحيات المجالس البلدية وتقليص صلاحيات الأمانات (في اتخاذ القرارات لبعض المشاريع) على أن تكون الأمانة جهة تنفيذية لما تقترحه المجالس البلدية. أما سحب الصلاحيات من المجالس البلدية فإنه يجعلها مجرد مجموعة من الأشخاص غير الفاعلين والذين بسبب عدم جدوى دورهم يلجأون لخلق المشكلات فيما بينهم ومن ثم يصبح جل ما يقومون به مماحكات تبتعد عن خدمة المجتمع. --------------------------------------------------------- أعضاء مجالس بلدية: نجاح المجالس مرهون بالصلاحيات أبدى عدد من أعضاء المجالس البلدية رأيهم حول ضرورة منح المجالس البلدية مزيدا من الصلاحيات لتتمكن من الاضطلاع بالدور المنتظر منها. وقال علي بردان عضو بلدي محافظة بلجرشي: نحن من واقع تجربتنا في عضوية المجلس البلدي في بلدية محافظة بلجرشي نطلب من الوزارة توسيع صلاحيات المجالس البلدية بحيث يكون لها صلاحية تسليم واستلام المشاريع ومتابعة تنفيذها، ومساءلة التنفيذيين عن أي تقصير في عمل أي إدارة من إدارات الأمانة أو البلدية، وحق التوصية بتثبيت أو إقصاء الموظفين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن يكون للمجالس البلدية ميزانيات مستقلة تقوم من خلالها باستحداث مشاريع ضرورية وفورية ودعوة المقاولين لتنفيذها من خلال الجهات التنفيذية، وأن تفصل المجالس البلدية عن الأمانات والبلديات وتعطى كوادر وظيفية مستقلة، وأن تتم دراسة المشاريع وترسيتها من خلال المجالس البلدية، وأن يكون لها الحق في سحب المشاريع المتعثرة من المقاولين المتقاعسين والمماطلين، واستبعاد المقاولين غير الأكفاء حتى ولو كانت عطاءاتهم هي الأقل، وأن يحدد للأعضاء دوام رسمي وليس فقط الاجتماعات الشهرية أو الطارئة. لا للتعميم: من ناحيته قال المهندس حسن الزهراني عضو بلدي مدينة جدة: التعميم بأن المجالس البلدية لم تنجح في إثبات وجودها غير دقيق وأحسب ان تجربة المجالس البلدية كشريك في اتخاذ القرارات مع الأمانات أو البلديات، قد ساهمت في تحسين أداء عمل الأمانات وساهمت في وضع الأولويات، واضافت بعدًا جديدًا لم يكن موجودًا رغم معرفتنا بوجود نسب تفاوت في العطاء بين مجلس وآخر. ويضيف: لكي تحسن المجالس البلدية من أدائها فإني أقترح تفريغ عدد من أعضائها وان تنفصل ماليًا واداريًا عن الأمانات، ودعمها فنيًا بذوي تخصصات متعددة تمكن المجالس من تحقيق رقابتها على المشاريع وإعداد التقارير بعلمية واحترافية.