كثيرون أجروا قراءة خاطئة لتصريحات وزير الخارجية المصري د. نبيل العربي بقوله قبل بضعة أيام بأن إيران ليست عدوة لمصر عندما اعتبر البعض منهم بأنه تغيرًا في ثوابت السياسة المصرية ، من زاوية أن انشغال مصر بأزمة تغيير النظام يمكن أن يضعها بمعزل عما يحدث الآن في الخليج تحديدًا في البحرين من مهددات لأمنها وعروبتها ، فيما أن العكس هو الصحيح ، فمصر اليوم تتجه نحو تأكيد وتفعيل دورها العروبي الذي ظل دائمًا يركز على الحقيقة الإستراتيجية بأن مصر تزداد قوة وشموخًا كلما اتسع مجال دورها العروبي ، وأن أمنها الوطني لا يقتصر فقط على حدودها الجغرافية ، وإنما يمتد ليشمل المنطقة العربية بأسرها بما يتطلبه ذلك من إحياء لهذا الدور وتفعيله من أجل الحفاظ على الأمن القومي العربي برمته. يبقى من الواضح أن العربي أراد في هكذا تصريح القول إنه يفترض في إيران كدولة إسلامية جارة الإدراك أن عزة الأمة وعلوها يظل مرتبطًا بمراعاتها توخي النوايا الحسنة وما يدور في فلك هذا المبدأ من علاقات أخوية مع دول الجوار العربي بعيدًا عن أي تدخلات في شؤونها الداخلية ، أو محاولة فرض أي شكل من أشكال الهيمنة على المنطقة ، وهو ما أوضحه في تصريحه الجديد أمس الأول بشكل لا يقبل التأويل أو اللبس عندما قال إن عروبة الخليج وأمنه خط أحمر ويمثل التزاما قوميا بالنسبة لمصر ، وأن وحدة أراضي كل دولة من دول الخليج وسلامتها من أهم ثوابت السياسة المصرية التي لا تقبل المساس بها. حقيقة ارتباط الأمن الوطني المصري بالدور العروبي لمصر أكده بشكل خاص الفتح العربي الإسلامي عندما لعبت مصر العربية الإسلامية الدور الأكبر في تحويل الهزيمة إلى انتصار في المعارك الفاصلة التي خاضتها في حطين وعين جالوت وغيرها، وأن تقلص دورها العروبي يعني الهزيمة والانكسار للأمة بأسرها . الوزير العربي وهو يؤكد على التزام مصر الأخلاقي والتاريخي والقومي بأمن دول مجلس التعاون وعروبتها فإنه إنما أراد أن يعبر عن التمسك بالمعادلة الإستراتيجية في الأمن القومي العربي التي يعتبر انعزال مصر المهدد الأكبر لتوازنها ، لأن انعزال مصر عن دورها العروبي يعني شيئًا واحدًا فقط: إضعاف الأمة بأسرها .