اعتبر ستيفن وولت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد أن التدخل الأمريكي العسكري في ليبيا لم يتم بغرض الدفاع عن الشعب الليبي ضد معمر القذافي ، وإنما لأن أمريكا أدمنت على الحروب. واستعرض وولت هذه الفرضية بدءًا من نشأة أمريكا عندما بدأت ب13 ولاية على الشاطىء الغربي للأطلسي في قارة أمريكا الشمالية ، حيث لم تلبث تلك الولايات الهشة الصغيرة أن تمددت عبر القارة من خلال الإبادة والإخضاع والضم لتشمل ضمن ما تشمله مساحات شاسعة شملت تكساس ونيو ميكسيكو وأريزونا وكاليفورنيا التي اقتطعتها جميعها من المكسيك، ثم خاضت حربًا أهلية شرسة، وفرضت نفوذها على بعض المستعمرات – وإن كانت متواضعة العدد – في أعالي البحار، ثم انضمت إلى الحربين العالميتين في مراحلهما الأخيرة. وأضاف وولت في مقاله الذي نشر في مجلة فورين بوليسي في عددها الأخير أن أمريكا منذ أصبحت قوة عظمى مع مطلع القرن العشرين خاضت حوالي 12 حربًا حقيقية ، وتورطت في عشرات التدخلات العسكرية التي يصعب حصرها. ولكن بالرغم من ذلك-، فإن أمريكا تعتبر نفسها دولة محبة للسلام، والشعب الأمريكي بطبيعة الحال لا يعتبر بلاده دار حرب. ورأى في مقاله أن الرئيس تيدي روزفلت كان آخر رئيس أمريكي صور الحرب على أنها عمل ينبغي الترحيب به، وأن حرب عادلة على المدى الطويل أفضل بكثير لروح الإنسان من السلام المزدهر. وهو عكس ما عمد له العديد من الرؤساء الأمريكيين لاحقا بتصوير أنفسهم بأنهم يذهبون إلى الحرب على مضض وكملاذ أخير. وأضاف أن الأمريكيين عندما اختاروا باراك أوباما رئيسًا عام 2008 ، فإنهم كانوا يعتقدون أنه سيكون رئيسًا مختلفًا عن سابقيه، وذلك بعد أن خاض سلفه جورج دبليو بوش الابن غمار حرب غبية وغير ضرورية في العراق. كما أنهم اعتقدوا أن أوباما سيكون أكثر عقلانية في تقرير متى وأين يرسل قواته، وأنه فهم حدود هذا الخيار الذي يعتبر أكثر أدوات السياسة قسوة، وهو ما تراءى للجنة نوبل للسلام عندما منحته الجائزة، ليس لشيء قدمه على هذا الصعيد ، وإنما بسبب ما كانت تتأمل منه أن يفعله بعد حصوله على الجائزة. ويتساءل وولت لماذا يستمر هذا النهج في السياسة الأمريكية ؟.. أو لماذا يستمر هذا الرئيس (المختلف) – أوباما- في فعل أشياء مشابهة ؟ .. ولماذا يوافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذين يخوضان معركة حزبية كريهة على كل سنت في ميزانية الحكومة فورا ودون نقاش على تكلفة للحرب تصل إلى 100 مليون دولار يوميًا؟. وأورد وولت 5 أسباب تجيب على سؤال هام وهو لماذا تخوض أمريكا هذا النوع من الحروب الفاشلة، وهي حسب رأيه كالتالي: أولاً: لأنها تستطيع ذلك لجهة امتلاكها قوة عسكرية ضاربة، خاصة في مواجهة الدول الضعيفة. ثانيا: لأن الولاياتالمتحدة لا يوجد لها عدو خطير ، وهو ما يجعلها تبحث دومًا عن مثل هذا العدو لتشن الحرب عليه. ثالثًا: لأن الولاياتالمتحدة تجد دومًا متطوعين مستعدين للذهاب إلى تلك الحروب. رابعًا: لأن القائمين على السياسة الخارجية الأمريكية – سواءً من المحافظين الجدد أو الليبراليون- يميلون إلى استخدام القوة العسكرية لحل المشكلات. خامسا: أن تقرير إعلان الحرب لم يعد يصدر من الكونجرس الذي ظلت صلاحياته بهذا الشأن تتقلص منذ الحرب العالمية الثانية وتنتقل بشكل متزايد إلى يد الرئيس، خاصة في ظل عدم وضوح هذه النقطة في الدستور الأمريكي.