تصاعد وتيرة الأحداث في اليمن على النحو الذي أصبح يشكل خطورة واضحة على أمنه ووحدته ومستقبله، لابد وأن يثير نوعًا من القلق لدى دول مجلس التعاون الخليجية، وفي مقدمتها المملكة التي تعتبر اليمن رقمًا مهمًّا في معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة، لذا فليس من المستغرب تفاعل دول المجلس مع تلك الأحداث من خلال الدعوة التي وجهتها مؤخرًا في ختام اجتماعات وزراء الخارجية إلى كل من الحكومة اليمنية والمعارضة ممثلة في أحزاب اللقاء المشترك للحضور إلى الرياض للوساطة بين الطرفين من خلال الحوار المشترك، تطلعًا نحو إنهاء تلك الأزمة التي دخلت إلى مرحلة خطيرة مع تجدد أعمال العنف في تعز والحديدة، وسقوط العديد من الضحايا نتيجة أعمال العنف تلك التي لا يمكن أن يرضى بها أي إنسان عربي مسلم مخلص لعقيدته وعروبته؛ لأن ما يحدث في اليمن الآن هو محنة حقيقية وفتنة بغيضة تتضح بشاعتها في قتل أبناء الشعب اليمني بعضهم بعضًا، وتقويض مكتسبات اليمن التنموية التي عاني اليمنيون كثيرًا من أجل تحقيقها للدمار من خلال هذا الاقتتال المؤسف الذي يجري بين أبناء الشعب الواحد، ويتناقض كليّةً مع المصلحة الوطنية، وحيث يظل من المفهوم أن استمرار تلك الأحداث يخدم فقط مصالح القوى الخارجية التي تتربص باليمن الشر، وتحاول زعزعة أمنه واستقراره. ترحيب جانبي النزاع بالمبادرة الخليجية يعكس ثقة الشعب والحكومة اليمنية بمصداقية دول مجلس التعاون الخليجية، وحرصها الشديد على التوصل إلى اتفاق حل ينهي الأزمة، ويحقن الدماء، ويحفظ لليمن الشقيق أمنه ووحدته واستقراره، ودوره العروبي والدولي، وأيضًا باعتبار تلك الدول اليمن جزءًا هامًّا في المنظومة الخليجية. ما يدعو إلى التفاؤل حيال المبادرة الخليجية اعتمادها أولاً على الحوار الذي تؤمن دول المجلس بأنه الطريقة الأفضل لإنهاء الخلافات والأزمات بين أطراف النزاع، وإيمان اليمن حكومة وشعبًا بأن دول المجلس، وفي مقدمتها المملكة، يهمّها عودة الهدوء والاستقرار إلى اليمن الشقيق في أقرب وقت ممكن، وأنها تقف دائمًا على مسافة واحدة من طرفي أي نزاع تتدخل لفضّه، وهو ما أثبته التاريخ، ووثقته الأحداث؛ ليصبح هذا الموقف ركيزة هامة في السياسة الخارجية لتلك الدول.