في الشرق الأوسط (5 مارس) نُشر ملخص دراسة ميدانية عن بلوى تعاطي طلاب المرحلة الثانوية في جدة لما يسمى ب (العلاجات شبه المخدرة)، ومنها العقاقير شبه المخدرة وحبوب الكبتاجون وغيرها. ورافق الخبر صورة لمجموعة من الطلاب يفترشون الأرض في فناء إحدى المدارس التي تبدو خاصة، ففيها (يا حظهم) ملعب للسلة وآخر لكرة القدم، وأشجار خضراء وسور محترم. وأمام هؤلاء الطلاب المنصتين، وقف شيخ أو طالب علم يتلو عليهم موعظة أحسب أنها تحذر من خطر المخدرات وأشباه المخدرات، أو ربما تحث على بعض مكارم الأخلاق وتنبه على خطورة السافلة منها. ومع تقديري لهذا الأسلوب الوعظي القديم والمباشر، إلا أن من الواضح أنه غير مجدٍ في عصرنا هذا، فأغلب من يستمع (إذا أنصت واستمع) يدخل الكلمة في (أذن) ويخرجها من (الأذن) الأخرى. باختصار خطابنا القديم في حاجة ماسة إلى تجديد، خاصة مع شباب وشابات اليوم. والدليل أن حالات الإدمان إياها في ازدياد، وكل المؤشرات تثبت أن أثر هذا الخطاب الوعظي المباشر محدود جداً! ربما لأنه لا يخرج من القلب تماماً، وإنما لأنه يُؤدى وكأنه مجرد (واجب) وظيفي وعمل روتيني، فلا يبلغ مداه، تماماً كالذي يحدثك عن الزهد، وهو في النعيم غارق، و(يتفلسف) عن الوطنية، وهو في الفساد (خبير ممارس)، وعن الإيثار، وهو لا يترك فرصة إلا واغتنمها، وعن أداء الحقوق، وهو المماطل رقم 1. هذه القضايا الوطنية الخطيرة (ومنها ارتفاع نسبة المتعاطين لأشباه المخدرات إلى قرابة الربع بين طلاب الثانويات في شمال جدة) تتطلب أساليب أكثر فعالية وتأثيراً! ماذا عن شغل أوقات الشباب فيما يفيد أجسادهم وعقولهم! أين الأندية الرياضية الشبابية؟ وأين مؤسسات المجتمع المدني المتعددة الأطياف والاهتمامات؟ وأين المبدعون الذين يبتكرون برامج وآليات تجذب الشباب (ذكوراً وإناثا) إليها مع المحافظة على خلق فاضل وعفاف أصيل وحشمة واضحة؟ حل مشكلة السيول مهمة جداً، لكن أهم منها حل مشكلات الفتيان والفتيات! وفك عقدة الإرهاب واجب كبير، لكن أوجب فيه فك العقد التي يعاني منها الشباب والشابات والتي تفضي إلى انحرافات خطيرة ورزايا عظيمة!!